“الأونروا” .. وجائزة نوبل للسلام
ترجمة: يسرا محمد مسعود
ماجستير علاقات دولية
لا شك أن دور الأونروا لا يتوقف على توفير السلع الأساسية مثل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية. بل كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ولا تزال شريان الحياة لملايين اللاجئين منذ إنشائها فى 8 ديسمبر 1949. فهى تحقق أيضا الآمال العريضة للاجئين الفلسطينيين بتزويدهم بالتعليم والتدريب المهنى وفرص التمكين الاقتصادى.
وقد تم إنشاء الوكالة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1948 لتقديم المساعدة الطارئة لنحو 750 ألف فلسطينى هُجروا قسريا من ديارهم.
فأصبحت الأونروا على مدى عقود واحدة من أكبر وأهم المنظمات الإنسانية فى العالم التى تخدم أكثر من 5.7 مليون لاجىء فلسطينى مسجلين فى الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة. ومنذ إنشائها، فالأنروا تعمل دون تكاسل لضمان وصول الخدمات الأساسية والمساعدات لمئات الآلاف من النازحين. وقد توسعت وظائفها على مر السنين لتشمل التعليم والتوظيف والخدمات الاجتماعة مما يعكس الاحتياجات المتطورة والمعقدة للاجئين الفلسطينيين.
وأصبحت الوكالة منارة أمل للملايين وتجسد التزام لصالح كرامة وحقوق وهوية الفلسطينيين فى خضم الصعوبات التى يواجهونها. ولا تقتصر مهمتها على توفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية ولكن أيضا لتطلعات اللاجئين الفلسطينيين الأوسع نطاقا، حيث توفر لهم التعليم والتدريب المهنى وفرص التمكين الاقتصادى.
وقامت الوكالة بإدارة أكثر من 700 مدرسة وتدريب أكثر من نصف مليون طالب وقد لعبت دورا رئيسيا فى إعداد أجيال من الشباب الفلسطينى لتقديم مساهمات كبيرة لمجتمعاتهم.
وبالمثل، كانت الخدمات الصحية للأونروا شريان حياة للاجئين الفلسطينيين، حيث أتاحت لهم إمكانية الحصول على الرعاية الطبية الأساسية، فقد قدمت شبكة المراكز الطبية والوحدات المتنقلة التابعة للوكالة خدمات إنقاذ الحياة لملايين الأشخاص، فى حين كان لبرامجها المبتكرة فى مجالات الصحة العقلية والسيطرة على الأمراض المعدية تأثير ملموس على تحسين الرفاهية العامة.
وفى مواجهة أزمة إنسانية دائمة وصراع ممتد فإن عمل الأونروا يصبح مهم بصورة متزايدة وضروريا. ومع ذلك وبالرغم من دورها الرئيسى، لكنها تواجه تحديات كبيرة، فهى تعمل فى ظل قيود مالية شديدة وتتعرض لضغوط سياسية مستمرة وهجمات مستهدفة من سلطات الاحتلال الإسرائيلى. ويعد هذا الصمود فى مواجهة الشدائد هى شهادة على التفانى الذى لا يتزعزع للاجئين الفلسطينيين.
إن الأونروا كمدافع عن حقوق وكرامة ورفاهية اللاجئين الفلسطينيين تستحق عن جدارة جائزة نوبل للسلام ليس فقط لإنها تزود الفلسطينيين بالخدمات الحيوية وتدافع عن حقوق اللاجئين وتشكل الأجيال القادمة من الشباب القادة ولكنها أيضا تلعب دورا مهما فى تخفيض الخسائر الإنسانية بسبب الصراع والاحتلال. فهى تعمل من أجل مستقبل أكثر عدالة وسلام.
وبالإعتراف بجهودها المستمرة وبالأثر العميق لعملها وتضحيات موظفيها، فإن الأونروا تستحق جائزة سلام عالمية.
مقال منشور للسفير محمد حجازى نائب وزير الخارجية السابق بجريدة الأهرام إبدو، 25 نوفمبر 2024.