وزير البترول: مصر تنوع مصادر الإمداد بالطاقة ..و التعاون مع دول الجوار خيارًا استراتيجيًا لتحقيق الأمن الطاقي الإقليمي وتعزيز القيمة المضافة لجميع شعوب المنطقة
أكد المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية أن مصر ماضية في تنفيذ استراتيجيتها الرامية إلى تنويع مصادر الإمداد بالطاقة، وأن التعاون مع دول الجوار يمثل خيارًا استراتيجيًا لتحقيق الأمن الطاقي الإقليمي وتعزيز القيمة المضافة لجميع شعوب المنطقة، مشيرا إلى أن مصر تتطلع إلى الإسراع في تنمية حقلي “كرونوس” و”أفروديت” باعتبارهما باكورة التعاون المثمر مع قبرص.
جاء ذلك خلال مشاركته في قمة “تحول الطاقة: شرق المتوسط وجنوب شرق أوروبا” بالعاصمة اليونانية أثينا، لتؤكد على الحضور المصري القوي والفاعل في صياغة ملامح مستقبل الطاقة في المنطقة، في توقيت بالغ الأهمية تمر فيه أسواق الطاقة العالمية بتقلبات متسارعة، وتتزايد فيه الحاجة إلى شراكات استراتيجية تضمن أمن الإمدادات واستقرار السوق، وفي ظل ما تشهده منطقة شرق المتوسط من اهتمام متزايد باعتبارها مفترق طرق حيوي لربط أوروبا بالشرق الأوسط وإفريقيا، وكذلك في ضوء ما تمتلكه مصر من بنية تحتية متطورة تؤهلها للقيام بدور محوري في منظومة الطاقة الإقليمية والدولية.
المهندس كريم بدوي أجرى سلسلة من اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى على هامش القمة، أبرزها مع وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو، حيث تناول اللقاء متابعة تنفيذ اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين، خاصة ما يتعلق بمشروعات ربط حقول الغاز القبرصية بالبنية التحتية المصرية، وجرى خلال اللقاء استعراض الموقف التنفيذي لمسارات خطوط الأنابيب، وأعمال المسح البحري، والإجراءات البيئية والتنظيمية اللازمة، مع التأكيد على أهمية تسريع الجدول الزمني لتلك المشروعات بما يحقق الجدوى الاقتصادية للطرفين.
وشدد الجانبان على أهمية استمرار اجتماعات مجموعات العمل الفنية المنبثقة عن الاتفاقيات الموقعة خلال معرض ومؤتمر “إيجيبس 2025″، ومواصلة التنسيق على أعلى المستويات لضمان تقدم العمل وتحقيق النتائج المرجوة.
وأعرب وزير الطاقة القبرصي عن تطلع بلاده إلى تنمية حقولها البحرية بالتعاون الوثيق مع مصر، مؤكدًا أن البنية التحتية المتكاملة التي تمتلكها مصر تمثل فرصة حقيقية لمعالجة الغاز القبرصي وتصديره، الأمر الذي يفتح آفاقًا جديدة للطاقة بأسعار تنافسية.
كما عقد الوزير “بدوي” جلسة مباحثات مهمة مع نيكوس تسافوس، نائب وزير الطاقة اليوناني، حيث تناول الجانبان تطورات التعاون المشترك في مجال الغاز الطبيعي المسال والربط الثنائي في مشروعات تداول الغاز، إلى جانب مناقشة آخر مستجدات أعمال مجموعات العمل الفنية المنبثقة عن مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين في هذا الشأن. وناقش الطرفان كذلك سبل تعزيز التعاون في مجال البحث والاستكشاف، والربط بين البُنى التحتية للطاقة في البلدين، خاصة في مجالي الإسالة وإعادة التغييز، بما يعزز من القيمة الاقتصادية ويخدم أهداف الاستدامة.
اللقاء شهد أيضًا مناقشات معمقة حول التعاون في مجالات تقنيات التقاط الكربون وتخزينه واستخدامه، في إطار جهود البلدين للحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج البترول والغاز، والتوسع في استخدامات الطاقة المتجددة، كجزء من خطط الانتقال إلى مزيج طاقة منخفض الكربون، وهو ما يعكس إدراكًا مشتركًا لأهمية تلاقي السياسات البيئية مع استراتيجيات الطاقة.
وخلال مشاركته في القمة كمتحدث رئيسي في جلسة نقاشية بعنوان “تحقيق التآزر الإقليمي في مشهد الطاقة الانتقالي”، بحضور كل من وزير الطاقة القبرصي ونائب وزير الخارجية اليوناني، استعرض الوزير تجربة مصر في إدارة ملف الطاقة، مؤكدًا أن التكامل الإقليمي هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات وتحقيق الاستدامة. وأوضح أن المنطقة بحاجة إلى تكثيف التنسيق السياسي والفني، وتعزيز التعاون في مشروعات البنية التحتية العابرة للحدود، ودعم التوجه نحو الطاقة النظيفة والمتجددة.
وشدد على أن ما تمتلكه مصر من بنية تحتية متقدمة وخبرات فنية وتنظيمية، يجعلها مؤهلة للقيام بدور محوري في دعم أمن الطاقة الإقليمي والعالمي، وخاصة في ظل التوجه الأوروبي نحو تنويع مصادر الإمداد والاعتماد على شركاء موثوقين في المنطقة.
كما أكد أن الوزارة تسعى باستمرار إلى الترويج للفرص الاستثمارية في مجالات البترول والغاز والبتروكيماويات والتعدين، من خلال التواجد الفعال في المحافل الدولية الكبرى وبناء شراكات قائمة على المصالح المتبادلة والرؤية المشتركة.
ويعكس نشاط الوزير خلال القمة، سواء على المستوى الثنائي مع قبرص واليونان أو من خلال المشاركة في الجلسات الحوارية، حرص الدولة المصرية على التفاعل الإيجابي مع التحديات الإقليمية والدولية في قطاع الطاقة، واستعدادها الدائم لتقديم حلول واقعية وشراكات متوازنة تخدم الاستقرار والنمو المشترك.
وتؤكد هذه التحركات أن مصر لا تكتفي بدور المتلقي، بل تعمل بفاعلية على صياغة معادلات التعاون المستقبلي، بما يعزز من مكانتها كمحور استراتيجي للطاقة في شرق المتوسط