أكد المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية أن الحوار المباشرة مع الإعلام يعكس التزام الوزارة بمبدأ الشفافية والتفاعل المستمر مع الرأي العام، مشيرا أن الإعلام شريك رئيس في نقل الحقائق وتعزيز وعي المجتمع بأهمية إدارة موارد الطاقة والتعدين بكفاءة، باعتبارها ركائز أساسية في بناء اقتصاد قوي ومستدام.
جاء ذلك خلال اللقاء الموسع الذي عقده الوزير مع رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة والمواقع الإخبارية وعدد من الإعلاميين، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إتاحة المعلومات الدقيقة للرأي العام، خصوصاً في القضايا المرتبطة بالطاقة باعتبارها ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، في خطوة تعكس التزام الدولة بمبدأ الشفافية وتوطيد جسور الثقة مع الإعلام والرأي العام،
وأعلن الوزير خلال اللقاء أن معدلات إنتاج الغاز الطبيعي المصري استعادت مسارها التصاعدي بعد أربع سنوات من التحديات التي انعكست على حجم الإنتاج والإمدادات، موضحا أن هذا التحول الإيجابي جاء نتيجة تطبيق سياسات مالية واستثمارية حاسمة، أبرزها الالتزام بسداد مستحقات الشركاء الأجانب وتقديم حوافز مشجعة ضمنت استمرار ثقتهم في السوق المصرية.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات لم تُسهم فقط في تعزيز أنشطة الحفر والاستكشاف، بل وفرت أيضاً على الدولة فاتورة استيرادية إضافية تقدر بنحو 3.5 مليار دولار خلال العام المالي الأخير، وهو ما يبرز البعد الاقتصادي المباشر للقرارات الاستثمارية الرشيدة.
وأوضح الوزير أن الـ3.5 مليار دولار التي تم توفيرها تمثل تخفيفاً واضحاً للضغط على ميزان المدفوعات وتقليلاً للاعتماد على العملة الأجنبية في شراء الوقود، بما يدعم استقرار سعر الصرف ويعزز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الأزمات العالمية، لافتا إلى أنه بذلك يتحول قطاع الطاقة من مجرد قطاع إنتاجي إلى أداة اقتصادية استراتيجية تدعم خطط الدولة في الإصلاح المالي والنقدي.
كما أشار بدوي إلى أن الاستراتيجية الحالية للوزارة تقوم على تحقيق معادلة دقيقة تجمع بين زيادة الإنتاج المحلي باعتباره الخيار الأكثر استدامة، وبين توفير بدائل مرنة عبر منظومة متكاملة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال تشمل وحدات تغييز وبنية تحتية متطورة، لافتا إلى أن هذا التوازن الاستراتيجي يضمن تأمين احتياجات القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والصناعة، ويمنح مصر قدرة على التعامل مع أي تقلبات مفاجئة في أسواق الطاقة العالمية أو أزمات إمداد إقليمية.
وتوقف الوزير عند البعد الاجتماعي لهذه السياسات، مؤكداً أن استقرار إمدادات الكهرباء ينعكس على حياة المواطن اليومية بشكل مباشر، بينما يوفر الغاز الموجه للصناعة دعماً للنمو الإنتاجي وزيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية، ومن ثم، فإن ملف الطاقة ليس شأناً فنياً فحسب، بل يمثل أداة لرفع مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر استقرار الأسعار وتوفير فرص العمل في القطاعات المرتبطة بالطاقة.
كما استعرض الوزير خلال اللقاء ملامح الانطلاقة الجديدة لقطاع التعدين المصري، مشيراً إلى أن الإصلاحات الأخيرة التي حولت هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية فتحت الباب أمام مرحلة غير مسبوقة من التطوير، معلنا عن بدء تنفيذ أول مسح جوي شامل للإمكانات التعدينية منذ 40 عاماً، وهو مشروع سيكشف عن ثروات مصر المعدنية بدقة علمية ويتيح بيانات استثمارية متكاملة.
وقال الوزير إن هذه البيانات، ستفتح المجال أمام جذب استثمارات عالمية في المعادن الاستراتيجية مثل العناصر النادرة التي تدخل في صناعات حديثة مثل البطاريات والطاقة المتجددة.
وأوضح أن الوزارة تعمل على دمج أنشطة التعدين الأهلي في المنظومة الرسمية للقطاع، بهدف تقليص التنقيب العشوائي عن الذهب وتحويله إلى نشاط منظم يعود بعوائد مباشرة على الاقتصاد الوطني، ويحافظ في الوقت نفسه على الموارد من الهدر، حيث هذه السياسة تعكس رؤية شاملة تجمع بين تعظيم العوائد وحماية الثروات الطبيعية.
وتطرق اللقاء أيضاً إلى دور الوزارة في دعم صناعة الأسمدة التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز الطبيعي كمادة خام، مؤكداً أن التنسيق مع الوزارات المعنية يجري عبر ثلاثة محاور رئيسية لتأمين احتياجات السوق المحلية وتعزيز القدرة التصديرية، وهو ما يربط بين ملف الطاقة والأمن الغذائي والتنمية الزراعية.