الرد السريع الذى جاء من الحكومة بمعاقبة الجزار الذى أحدث ثقبًا فى أحد أعمدة المونوريل بغرامة أكثر من مائة وعشر ألف جنيه يدل على يقظة الحكومة تجاه كل من تسول له نفسه لهدم المشروعات الكبرى التابعة للدولة، فهى ليست مشروعات تم الانتهاء منها فى شهور وإنما هى نتاج جهد وعرق ومال استمرت فيه الدولة إلى أن ظهر للنور بعد سنوات عديدة. ولقد أثبتت الحكومة بأنها قادرة على الضرب بيد من حديد على كل من يخالف القانون ويتعدى على أموال الدولة. والغريب أن هذا الحدث لم يستغرق إلا بضع ساعات وتم القبض على الجزار ومعاقبته.
وقد يأخذنا هذا الحدث للتفكير فى مصير آلاف الأسر المنصوب عليها من قبل شركات النصب العقارى فهل يحظى هؤلاء الضحايا بنفس الاهتمام وسرعة التنفيذ فى معاقبة أباطرة النصب العقارى مثلما حدث مع الجزار؟ أم أن للحكومة رأى آخر خاصة وأن هذه المشكلة لا تمس أملاك الدولة، لكنها تمس المواطن المسئول من الدولة ويجب أن تحميه طبقا للدستور والقانون.
فقد نشرت بعض الصحف منذ عدة شهور بأن الحكومة قررت أن تدخل كطرف ثالث بين المستثمر والمالك لضمان حقوق المالك خاصة بعد تفشى ظاهرة النصب العقارى بصورة لا يمكن السكوت عليها لأنها سوف تؤثر سلبا على السياحة والاستثمار الأجنبى بعد أن يلاحظ المستثمر الاجنبى عدم الاهتمام بحقوق المواطن المشروعة وتركه فريسة لمستثمرى النصب العقارى، ومن هنا تكمن الخطورة. إن ما حدث مع الجزار من إجراءات قانونية تؤدى بما لا يدع مجالا للشك إلى ردع آخرين كانوا لديهم نفس الفكر المخرب ظنا منهم أن الحكومة سوف تتهاون معهم .
لذلك، فعندما تقرر الحكومة أن تتدخل لحل مشكلات ضحايا شركات النصب العقارى التي تتزايد ويتسع نشاطها، فالمطلوب من الحكومة تطبيق القانون على عينة ولو بسيطة منهم ليكونوا عبرة لباقى المستثمرين وليعود الحق لأصحابه. ولا ندري ما السبب وراء تأخر الحكومة كل هذه المدة لكى تتدخل جديا كطرف ثالث بين المستثمر والمالك ويغلق هذا الباب تماما وينتعش الاستثمار فى مصر .
إن الحكومة قادرة على الحل فى أقل من ٢٤ ساعة وليس هناك ما يجعلها تهمل هذا الملف لأكثر من عشر سنوات، فهي كفيلة بأن تنهض بمصر فى هذا المجال الحيوي بالنسبة للمواطن والمستثمر أيضًا والمتمثل في التطوير العقارى!!