فى أحد اللقاءات التليفزيونية مع وزير المالية كان السؤال عن حجم الديون وكيفية التعامل معها؟ وماذا يتبقى للدولة بعد سداد الأقساط المستحقة؟ فكانت الإجابة أن الناتج القومى لا يوازى المصروفات وسداد الأقساط وما يتبقى لن يكفى للصرف على التزامات الدولة، فسأله المذيع وما الذى ستفعله فى هذه الحالة؟ فكان الرد أنه سوف يكرر السلف لسد الديون وهكذا.!!
من هنا تأكدنا لماذا الحكومة تصر على رفع الدعم نهائيا عن الشعب لتقليل الأحمال، ومن هنا أيضا تأكدنا لماذا تقطع الحكومة الكهرباء عن المواطنين بانتظام على الرغم من وصول مصر لمستوى اكتفاء ذاتى فى الطاقة يسمح لها بتصدير الطاقة ! . وكان لابد من الإجابة على سؤال هام وهو لماذا لم تهتم مصر طوال هذه السنوات بإنشاء مصانع وشركات وعودة المصانع القديمة التى تم إغلاقها وتشجيع الصناعة وتقليل البطالة لكى يكون لدينا صناعة لا تخضع للقطاع الخاص الذى يمكن أن يتحرر من الاستمرار فى مشروعاته فى أى لحظة مثلما فعل البعض خلال فترة عدم استقرار سعر الصرف .
وفى هذا الصدد يقودنا أحد التصريحات التى أدلى بها الخبير الاقتصادى صلاح جودة ذات يوم حينما قال إن مصر لديها كنوز فى وسط سيناء إذا ما استخدمت لجعلتنا أغنى من الدول السبع الخليجية مجتمعة، وهذا كلام ذو أهمية كبيرة .
وضرب للمشاهد مثلا عن رمال الصحراء فى سيناء والتى تصل درجة نقاوتها إلى .٩٨،٥% وهى أعلى بكثير من درجة نقاء الرمال فى الصحراء الأمريكية والتى لا تتعدى ٦٨% . فماذا يمنع مصر من تنقية هذه الرمال وتصديرها للخارج بدلا من تصديرها على شكل مادة خام بسعر الطن الواحد ١٢ دولار فقط فى حين أن بعد التنقية سوف يضاعف هذا المبلغ بكثير لصالح الدولة المصرية وظن الدكتور صلاح جودة أن المانع ربما يكون بسبب قيمة المعدات اللازمة لتنقية الرمال العالية ولكن المفاجأة أن هذه المعدات لا تتعدى الـ ٢ مليون دولار فقط !!
ومن المؤكد أن المسئولين يعلمون هذا جيدا ولكن ربما وجدوا أن فى إحضار هذه المعدات مشكلة روتينية كبيرة قد تضعهم تحت طائلة القانون!! من ناحية أخرى حدث لقاء مع وزير المالية فى حكومة الجنزورى عام ١٩٩٧ وكان هذا اللقاء بسبب تصريح وزير المالية بشأن خفض سعر السيارات بسبب قرار خفض الجمارك والذى ادهش الجميع لأنها قد تكون المرة الأولى فى تاريخ الحكومات أن يتم خفض الجمارك بدلا من رفعها.
وبسؤال المذيعة لوزير المالية عن سبب هذه المخاطرة وكيف سوف يتم تعويض هذه المبالغ نتيجة خفض الجمارك فقال لها أن هناك بعض الممولين لديهم خمس سنوات إعفاء فى بداية المشروع ثم تبدأ الدولة فى تحصيل الضرائب منهم وبهذه الطريقة استطاعت الدولة أن ترضى المواطن ولم تلجأ إلى جيوبه وفى نفس الوقت تحافظ على الدخل الذى يدخل فى خزانة الدولة .
وفى الماضى كنا نناشد المسئولين فى الصحة لضرورة إشراك القطاع الخاص بنسبة فى المستشفيات الحكومية لتعديل بعضها وبناء مستشفيات جديدة ويتم تخصيص نسبة للمستثمر على عدد من السنوات والباقى للدولة على أن يضمن العلاج المجانى للفئات الفقيرة فى جزء خاص بهم فى المستشفى وباقى المستشفى استثمارى . ويكون دور وزارة الصحة الإشراف الطبى الكامل وإعداد الكوادر الطبية وتدريبهم على المستوى الذى ينافس الطب فى دول العالم وبذلك سيكون لدينا مستشفيات على أعلى مستوى من الجودة تسمح للسائح بالسياحة العلاجية وقضاء فترة النقاهة بين الأماكن السياحية المختلفة فى مصر .
وبالطبع سوف ترتفع أجور العاملين فى المنظومة الطبية . والجميع يحظى بمكاسب جيدة . أما الآن فنحن نسمع عن تمرير قانون من خلال محلس النواب يسمح بتأجير المستشفيات الحكومية ولم يدلى وزير الصحة بتصريح واحد يطمئن فيه المواطن الفقير على مصيره فى العلاج بعد تأجير هذه المستشفيات وهل معنى هذا أن الحكومة فشلت فى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل أم إن تأجير المستشفيات لم يكن له علاقة بالتأمين الصحى الشامل؟!
وفى هذا الصدد نلاحظ أن وحدات ومراكز وزارة الصحة تبذل أقصى جهدها على ما يسمى بالمبادارات الطبية التى بدأت بمبادرة واحدة وهى الأكثر أهمية فيروس (سى) إلى أن وصلت لما يقرب لإحدى عشر مبادرة تتكلف المليارات من حيث توفير الأجهزة والمستلزمات وغيرها بالإضافة إلى المكافآت عن هذه المبادرات، إلا أن البعض قد رأى أن هذه المليارات كان من الأحرى أن تصرف على مبادرة أو اثنين والباقى يتم بناء مستشفيات جديدة به لاستيعاب التزايد السكانى الهائل .
مما سبق يتبين أن هناك خلل فى أداء بعض الوزارات نتيجة عدم التحرر من الفكر الروتينى ولكن هناك البعض الآخر يتميز بالأداء المبهر وعلى سبيل المثال الفريق كامل الوزير وزير النقل الذى حدثت طفرة فى عهده لم تسبق من قبل لأنه تقلد منصبه عازما على التغيير للأفضل وهذا ما تمنينا لباقى الحكومة!!