كتبه: د. أشرف رضوان

نتطرق اليوم إلى أحد الظواهر الحكومية المنتشرة في هذه الأيام وهى عدم تنفيذ أحكام القضاء. فهناك الكثير ممن حصلوا على أحكام قضائية والخاصة بصرف مستحقات مالية، وتماطل الحكومة فى تنفيذها بدعوى عدم وجود موارد مالية لدرجة أن عدم وجود هذه الموارد استمرت لسنوات!. فهناك مثلاً أطباء قاموا برفع دعوى فى القضاء الإدارى لامتناع وزارة الصحة عن تنفيذ القانون رقم ١٤ لسنة ٢٠١٤ والذى ينص على مادة فيه تعطى الحق للأطباء بصرف الحوافز بنسبة من المرتب الأساسى، واستمر الصرف بهذه الطريقة طبقا للقانون المذكور والخاص بتنظيم المهن الطبية إلى أن تدخلت الحكومة لإيقاف صرف الحوافز بنسبة من الأساسى وتحويل الصرف إلى مبالغ مقطوعة فى 30 يونيو 2015 بحجة تدهور الأحوال الاقتصادية للدولة بعد المطالب الفئوية الكثيرة التى تكلفت أموال طائلة .
هناك مثل شعبى يقول (الكعكة فى إيد اليتيم عجبة)، فبعد أن تنفس العاملين بالقطاع الطبى فى وزارة الصحة الصعداء وابتسمت لهم الحياة بعد سنوات طويلة ذاقوا خلالها مرارة الظلم فى المرتبات فى الوقت الذى يتقاضى أمثالهم فى الوزارات الأخرى أضعاف ما يتقاضونه العاملين فى وزارة الصحة . وعلى الرغم من وعود الحكومة أن إيقاف الصرف بنسبة من الأساسى سوف يتم بشكل مؤقت إلا أنها لا تزال مستمرة فى صرف الحوافز بالمبالغ المقطوعة، مما دفع بعض الأطباء وغيرهم من العاملين فى الحقل الطبى لرفع دعوى قضائية للبت فى قانونية عدم الصرف بنسبة من الأساسى .
وكان للقضاء الشامخ رأى آخر، بأنه أنصف العاملين بالقطاع الطبى وأعطى لهم الأحقية فى الصرف بنسبة من الأساسى وبأثر رجعى بحكم المحكمة. وعندما توجه الحاصلون على هذه الأحكام للجهات المعنية للصرف ادعوا فى البداية أن ليس لديهم مانع من الصرف إلا أن هيئة التنظيم والإدارة هى الجهة المنوط بها الموافقة وسوف تقوم وزارة الصحة بالصرف عندما تتم الموافقة من الهيئة. وبعد سنوات من الانتظار أعلنت هيئة التنظيم والإدارة عدم مسئوليتها عن هذا الموضوع وأصبح فى يد المحافظة!.
وحتى الآن فى انتظار ما سوف يأتى من رد المحافظة، ومرت سنوات ولا تزال المشكلة قائمة، بالرغم أن هناك بعض العاملين استطاعوا الحصول على مستحقاتهم بعد تصعيدها إلى عدة جهات مسئولة، الأمر الذى تعجل فى الصرف لهم لتجنب المواجهة. فما هذا المنطق العجيب فى التعامل مع الحكومة، أى أن أصحاب الصوت العالى هم من لهم الحق فى الصرف، أما الآخرين فعليهم الوقوف فى طابور الإنتظار لسنوات قادمة!.
ومن عجب الأمور أن نرى بعض المسئولين فى الحكومة يعلنون عن حملتهم للقضاء على الفساد! ومن ناحية أخرى نجد العديد من الأطباء الذين بلغوا سن المعاش ولديهم الحق فى صرف البدل النقدى عن رصيد الإجازات طبقا للقانون. وأن جهة العمل التى سوف يتم الصرف من خلالها تطلب من المستحق إقرار بعدم رفع دعوى قضائية ضدهم!. وكأنهم واثقون من الصرف ولكنهم يخشوا الاعتراض على قيمة المبلغ!.
إن الروتين الحكومي يستحق الدخول في موسوعة جينيس وسيفوز بجدارة . ولم نعلم حتى الآن أسباب هذه التعقيدات وهل لعدم توافر مبالغ مالية أم عدم الاهتمام بالمواطن المصرى الذى أفنى عمره وصحته فى سبيل خدمة الوطن . فى السابق كان لدينا أكثر من وسيلة لمحاسبة المقصرين فى الحكومة ومنها الصحافة ومجلس الشعب قبل أن يتغير اسمه لمجلس النواب!. أما الآن فأصبح الشعب وحيدا لم يجد من يحنو عليه وليس له ملجأ إلا الله .
			 
			
			تم نسخ الرابط
		
		
		
        آخر تحديث: 9 أكتوبر، 2025
		
					 15  2 دقائق 
 
				 
					