الذكاء الاصطناعي

مخاطر العالم الافتراضي ؟!

محتويات المقال

تقرير من إعداد : نوران أشرف

منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أثرت بشكل ملحوظ علي الحياة واهتمامات الأفراد حتي باتت تشكل جزءا كبيرا من حياتهم  إن لم تكن تشكل  كل حياتهم ، وبتطورها الملحوظ أصبحت ليست مجرد وسيلة للتواصل فقط بس مصدر ربح للكثير وذلك من خلال منصات التواصل الاجتماعي ، وما بين الإنفلونسر واليوتيوبر والبلوجر والبابليك فيجر، أصبحت منصات ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لصناعة نجوم لديهم قدرة كبيرة على التأثير في الشباب، وشهرة واسعة، كما حققوا مكاسب مالية كبيرة، بفضل ملايين المتابعين والمشاهدات التي كلما زادت نمت معها ثروتهم.

ومع اختلاف المسميات لهؤلاء المؤثرين، ورغم أن العديد منهم له أدوار مهمة وإيجابية أو يلقون الضوء من خلال منصاتهم على قضايا المجتمع، إلا أن الأغلبية تستغل الشهرة بغرض الدعاية وتقديم محتوى إعلانى يهدف إلى العائد المادي، بعد أن أصبحوا عناصر جذب فى مختلف المجالات سواء في الموضة أو التجميل أو لأى أسباب إعلانية تسويقية، وهو ما يجعل كثير من الشباب يتطلع إليها كمهنة أو ظيفة قد تدر عليه دخلاً كبيراً وتحقق أحلامه في لحظة، حيث أن 80%  من الشباب يتأثرون “بشكل خطير” من التواصل الاجتماعي من ناحية البلوجر “الإنفنونسر” بالإضافة إلي أن بعض العلامات التجارية لجأت إليهم للترويج لمنتجاتهم .

بالتوازي مع هذا التطور والانتشار السريع بالتأكيد هناك تأثيرات نفسية وغير إيجابية علي الشباب  المتابع لهذه الفئة ومن أشد هذه التأثيرات التلاعب بأهداف وأحلام الشباب مما يؤدي بهم إلي دوامات الأمراض النفسية مثل الإدمان و الانعزال في الغرفة و فقدان المتعة بالحياة متأثرا بالإنفنونسر أن الحياة ليست مثل حياتهم الترفيهية من السفر وملابس وكل هذه الأشياء تجعلهم أقل ثقة في أنفسهم، وأكثر كرها لحياتهم، ومن الممكن أيضا أن يدفعهم إلى طرق أخطر وأكثر سوءا ، بحثا عن حياة شبيهة بحياة الأحلام والخيال التي يعيشها “الإنفلونسر”.

وهذه الظاهرة تستتر وراء مفهوم الدعاية والتسويق لصفحات بعينها، حيث يشارك المؤثرين حياتهم الشخصية على – الملأ، كوسيلة للتلاعب بأحلام الشباب حتى وإن كانت فى شكل صور معدلة ببرامج «الفوتوشوب» أو لحظات من الضحك والمرح المزيفة، حيث أن هذه المظاهر المزيفة تجعل أغلب الشباب  ينظرون نظرة عدم رضا لحياتهم وأوضاعهم الاجتماعية والمادية رغم أن أغلب ما يشاهدونة عبر هواتفهم غير صحيح، ولكنهم يتأثروا به لأن الشباب أصبح أيضا مهتم بتقليد كل ما يشاهده دون التفكير إن كان يناسبه أم لا .

«الميتافيرس»

فى ظل التقدم التكنولوجي الذي يؤثر بشكل كبير على نفسية الشباب والأطفال ينذر التطور الجديد الذي تخطط له شركة “فيسبوك” فيما يعرف بـ “ميتافيرس” بمخاطر أخرى، حيث أعلنت الشركه في ١٨ أكتوبر من العام الماضي عن طلبها لتوظيف ١٠ آلاف مهندس من دول الإتحاد الأوروبي، لأنها تخطط لنقل العالم إلى مرحله جديدة وهي العالم الافتراضي ميتا فيرس.

 

akhbarelsaa.com c9IYAez4

وفى المؤتمر الأخير الذي قام به مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي الشركة “فيسبوك”، أكد أن “الميتافيرس” هي المستقبل الذى سيقوم بخلق واقع جديد بعيد عن الواقع الذي نعيشه، حيث يجب أن يتخيل كل مستخدم فكرة أن يقابل أصدقائه الذين يبعدون عنه آلاف الكيلو مترات والتفاعل معهم كأنهم أمامه فى الحقيقة، أو حضور مباراة لفريقه المفضل فى الإستاد بينما هو في منزله أو أن يدرس في الجامعه التي يريدها في أي دولة ويحصل على شهادتها وهو في بلده، أو أن يحضر اجتماع عمل مهم وهو موجود فى منزله أو على فراشه مثلا أو يرى أهله الذين تغرب عنهم في بلد آخر ويتفاعل معهم كأنهم أمامه؟

الأمر أشبه بأفلام الخيال العلمى، كل هذا يعبر ويفسر ما هي تقنية «الميتافيرس» التطور المنتظر فى الفترة القادمة مفروض على الكل وليس بقدرة أي شخص التحكم فيه، لأنه يتم باستثمارات ضخمة وإذا كنا نعتقد أن تطبيقات “الفيسبوك” و”الانستجرام” لديها معلومات عن المستخدمين، فإن “الميتافيرس سيختلف لأنه تخطى هذه المعرفة، حيث تستطيع هذه التكنولوجيا معرفة حالتك المزاجية وتفكيرك، وصحتك الجسدية، ونقاط قوتك وضعفك، كأنك كتاب مفتوح لهذه الشركات، وإذا كان هدف هذه الشركات هو الترويج والإعلان والتوجيه لشيء معين، فإن هذه المرحله لمحة بسيطة جداً عن المستقبل القادم ، وأيضا هذا التطور يعتبر لاغى لفكرة الخصوصية او الأسرار، لأن العالم بأكمله مفتوح ومتاح، وبالتالي هذا التطور أثار العديد من الأسئلة وحالة من الجدل على مستوى العالم .

وهنا انقسمت الآراء إلى جهتين بين مؤيدين ومتحمسين لرؤية هذه التقنية وتجربتها، وبين من يشعرون أنها خطر على البشر وتمثل تهديد للبشرية وتقتل الشعور الإنساني فهي بمثابة عالم يؤدى إلى العزلة.

ونستعرض بعض الآراء حول ظاهرة المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الجديدة المرتقب طرحها خلال فترة قريبة:

 تقول جودى محمد، ۲۲ عاما، أنه يوجد فارق كبير بين الإنفلونسر والبلوجر، فالأول له تأثير إيجابي وأحيانا بالطبع يكون سلبي، حيث أنه يساعد ويؤثر على المتابعين بشكل جيد ويمدهم بالمعلومات التي تساعدهم في حياتهم اليومية أما “البلوجر” فهم أشخاص لا يفيدون المشاهدين ولكن يؤثروا بشكل سلبي عليهم، أما “الميتافيرس”، فهى تعتبر كارثة سوف تلهى الناس عن عملهم وواجباتهم وعن الاهتمام بحياتهم الخاصة، لأنهم في هذه الحالة لن يعيشوا واقعهم ولكن حياة غير حقيقية من نسج خيالهم، كما أنه ستبنى حالة من الهوس، خاصة أن بعض الأشخاص غير راضين عن حياتهم، وسيؤدى الأمر بهم في النهاية إلى حالة  نفسية سيئة بسبب التخيل وأنها شئ غير حقيقي.

بينما توضح سندس حسن، ٣٠ عاماً أن “البلوجر” الذين يقومون بنشر صورهم الشخصية وتفاصيل حياتهم الدقيقة من مأكل وملبس وأى لحظات يمرون بها، سواء كانت سعيدة أو حزينه، هي مسأله فى غاية السوء، لأن الأساس فى الحياه هو الستر وليس كشف المستور وهذه سنة الله عز وجل في خلقه، فتخيل أنك في بيتك بدون باب مغلق عليك، في هذة الحالة تكون مباح للآخر، فهذا الباب يحمى خصوصيتك وشبيه بستر الله عز وجل للإنسان، كما أن كثير من الناس لا يمتلك المال الذى يتباهى به الآخرون، أو الصحه أو عائله وهذه المبارزة والتباهي على البعض أو بالمعنى الصحيح من وجهة نظرى كشف المستور نوع من إساءة الأدب،

أما عن “الميتافيرس” فللأسف الشعوب العربية مستهلكة فقط وغير منتجة، وكل شيء في الحياة له وجهان وجهه سلبى ووجهه إيجابى، لذا يجب أن نفكر كيف نستفيد من هذه التقنيه في حل ومواجهة المشكلات لدى الأطفال كفرط الحركة دون دفعهم للابتكار وتنمية الخيال وغيرهم، ولكن ليس لإضاعة الوقت وإلغاء عقل المستخدم، وتضيف سندس أنها لا تفهم لماذا الغرب يبتكر وينتج والعالم العربي يستهلك وينفق على أشياء ليس لها قيمه، لذا فمن المهم مع وجود مثل هذه الطفرات التكنولوجية أن نستعد للإستفاده منها وليس إضاعة الوقت أو إغراق أنفسنا في عالم افتراضي يؤدى إلى العزله، لأن المهمه الأساسية للإنسان في الحياه هى العمل والإبداع.

ويؤكد مازن أحمد، ۲۵ عاماً، أن كثير من الأشخاص ليس لديهم موهبة أو هواية يقدم من خلالها محتوى هادف وله قيمة ويفيد المتابع فى حياتة أو يساعده على معرفة مجالات عديدة وبينما البعض الآخر من المؤثرين الأمر بالنسبة لهم “بيزنس” فقط مضيفا أنه لا يقتنع بآراء “البلوجرز” في أي موضوع ولا يتأثر بهم ولكن يشاهدهم للتسلية فقط.

بينما يشير محمود ياسر، ٤٠ عاماً إلى أن “الميتافيرس” سيجعل الإنسان منزوع العقل أو يسهل السيطرة على تفكيره بالكامل، وهو عامل من عوامل ضرر التكنولوجيا، كما أنه سيبعده عن الاهتمام بالأمور الحقيقية والهامة في حياته مثل الدين، بالإضافة إلى أنه سيخلق نوع من الفصام الحاد بين الواقع والحقيقة.

ورغم أن التطور التكنولوجي ساهم في تقديم الكثير من الحلول من خلال ابتكار الأدوات والأجهزة التي جعلت الحياة أسهل وأسرع وأفضل، بالإضافة إلى القدرة على التعرف على ثقافات الغير والمساعدة في التعلم في شتى المجالات، ولكن الجانب السلبي يعود إلى استخدام البعض لها بطريقة غير صحيحة، سواء فيما يخص السوشيال ميديا أو الألعاب أو البرامج واستخدمها المفرط، وبالتالي أدت لخلق جيل كسول، ومع مرور الوقت ستزداد السلبيات لتطغى على إيجابياتها خاصة إن استخدامها بشكل غير نافع ومفيد ومع ظهور “الميتافيرس” قسم متابعين السوشيال ميديا إلى أشخاص خائفين من التأثير السلبى عليهم وعلى العالم وأيضاً إلى أشخاص ينتظرونه بفارغ الصبر لاكتشاف طريقة عمله وخدماته في المستقبل.

فهل سيكون الميتافيرس” هو العالم الجديد والحياة الأخرى التي سيعيشها الإنسان، وهل سيكلل بالنجاح أم يتعرض للفشل؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى