في إطار الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية لتعزيز أمن الطاقة، وتلبية احتياجات السوق المحلي من الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية، شهد قطاع البترول تحركات فعالة خلال الأيام الماضية في أكثر من اتجاه، شملت متابعة مشروعات بنية تحتية حيوية، وتوقيع اتفاقيات جديدة مع شركاء دوليين لتعزيز أنشطة البحث والاستكشاف، لا سيما في المناطق الواعدة.
وتشير هذه التحركات الثلاثة، من متابعة تجهيزات سفن التغييز، وتوقيع اتفاقيات استكشاف جديدة، وتوسيع أعمال المسح السيزمي إلى تناغم واضح بين دعم القيادة السياسية والمتابعة الميدانية من جانب وزارة البترول، بما يضمن تأمين احتياجات المواطنين وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الثروات الطبيعية، وتعكس أيضا هذه التحركات ، حرص الدولة على تنفيذ رؤية شاملة لأمن الطاقة، ترتكز على الاستفادة القصوى من الموارد الوطنية، ودعم الاستثمارات الأجنبية، ومواكبة التطورات الفنية عالمياً.
في هذا السياق، أجرى المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، جولة ميدانية لتفقد الأعمال النهائية لتجهيز سفينة التغييز “Energos Eskimo” بميناء العين السخنة، تمهيدًا لربطها على رصيف ميناء سوميد لاستقبال شحنات الغاز الطبيعي المسال المستورد وإعادة تغييزه وضخه في الشبكة القومية. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة الدولة لتأمين إمدادات الطاقة خلال موسم الصيف الذي يشهد ارتفاعًا في معدلات الاستهلاك.
وأكد الوزير خلال الجولة أن المشروع يمثل أحد أركان خطة الطوارئ الصيفية، ويعكس الاستعداد الكامل للقطاع لمواجهة أي تحديات تشغيلية. كما ثمّن الوزير جهود العاملين المنفذين للمشروع، مشيرًا إلى أن الدولة تقف خلف هذه الجهود بكل دعم ممكن لضمان الانتهاء من المشروع وفق الجدول الزمني المحدد.
وتنفذ أعمال التعديل والتجهيز للسفينة شركات وطنية متخصصة، وعلى رأسها شركة بتروجت بالتعاون مع شركتي إنبي وجاسكو، مع مراعاة أعلى معايير الجودة والاعتماد الفني الدولي، ما يؤكد أن البنية التحتية لقطاع الغاز في مصر تخضع لتحديث مستمر واستثمار متزايد يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا المورد الحيوي.
وبالتوازي مع هذه الجهود الفنية، شهد الوزير توقيع اتفاقية التزام جديدة للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة جنوب وادي السهل بالصحراء الشرقية بين شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول وشركة “لوك أويل أوفرسيز إيجيبت ليمتد” الروسية. وتشمل الاتفاقية تنفيذ مسح سيزمي ثلاثي الأبعاد وحفر 6 آبار استكشافية، وهي خطوة تعزز من فرص الاكتشاف والإنتاج في منطقة واعدة قريبة من مراكز البنية التحتية القائمة، مما يخفض التكلفة ويزيد الجدوى الاقتصادية.
وتمثل هذه الاتفاقية امتدادًا لتوسع “لوك أويل” في السوق المصري، حيث فازت مؤخرًا بمنطقة تنمية وادي السهل ضمن مزايدة الحقول المتقادمة، إلى جانب أعمالها الحالية بمنطقة غرب عش الملاحة وشراكتها مع شركة إيني في منطقة مليحة بالصحراء الغربية. وأكد الوزير أن هذا التوسع يعكس ثقة الشركات العالمية في البيئة الاستثمارية المصرية وفي قدرات قطاع البترول.
وفي خطوة أخرى تدعم أهداف المحور الأول من استراتيجية الوزارة، الذي يركز على زيادة الإنتاج بأقل تكلفة، وقع الوزير اتفاقية جديدة لإجراء مسح سيزمي إقليمي واسع النطاق بمناطق جنوب الصحراء الغربية. وتهدف الاتفاقية، الموقعة بين شركة جنوب الوادي وشركة “Ardiseis Egypt Branch”، إلى تنفيذ مشروع مسح سيزمي ثنائي الأبعاد باستخدام تقنية النودز الأرضية على مساحة تقارب 103 آلاف كيلومتر مربع، ما يمثل أكبر تغطية سيزمية في تاريخ هذه المناطق.
ويشمل نطاق المشروع منطقتي الحوض الترسيبي غرب أسيوط والحوض الترسيبي الداخلة، وهما من المناطق الجيولوجية الواعدة التي لم تُستغل بعد بالشكل الأمثل. ومن المقرر أن تبدأ الأعمال التنفيذية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وسط متابعة مكثفة من الوزارة والقيادات المعنية.
وأوضح المهندس كريم بدوي أن هذه الاتفاقية تفتح آفاقًا جديدة في صعيد مصر، وتعزز التكامل الإقليمي والتعاون مع الشركاء الاستثماريين، لا سيما من السعودية، في ظل التنامي الملحوظ للعلاقات الثنائية بين البلدين في قطاعي البترول والتعدين.
