قذائف الحق: غزة.. شرف الأمة وعزها
أيها المجاهدون في غزة العزة والشرف.. إن قدركم في هذه الديار المباركة أن تكونوا سلسلة الرباط الممتدة منذ الفتح العمري لهذه الديار إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، فقد اختصكم الله تعالى بأن تكونوا طليعة الأمة الإسلامية المتقدمة، تذودون عن شرفها وحمى الأرض والعرض، تواجهون في سبيل ذلك المحن والبأساء والضراء والابتلاء بصبر الصابرين وعزيمة المرابطين والمجاهدين، تحتسبون ما أصابكم وأنتم تتمثلون قول الله تعالى: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”.
إن شعبنا الفلسطيني الذي عانى ما يزيد على ستين عاما منذ النكبة الأولى في فلسطين ما زال يعاني آلام التشرد واللجوء، وآثار العدوان المتكرر عليه في الوطن وخارج الوطن، ويجري كل هذا ضمن مخطط يستهدف كسر إرادة هذا الشعب والنيل من صموده وإصراره على إحقاق حقوقه كافة فوق تراب وطنه الطهور.
إلا أن كل هذه الاعتداءات والمخططات باءت بالفشل وتكسرت على صخرة إرادة وصمود شعبنا الصابر المرابط “وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا …”.
أما شعبنا الصابر، شعب التضحيات، فنسأل الله تعالى أن يعوضه خير الجزاء في الدنيا وفي الآخرة في الدنيا بالعز والنصر والثبات وفي الآخرة بالمغفرة والرحمة والصلوات، وصدق الله القائل”وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”.
ويقول جل جلاله:” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :” ما أحد يدخل الجنة ، يحب أن يرجع إلى الدنيا ، وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد ، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة “.
إن شعبا هذه مواقف أطفاله لن يندثر ولن يركع إلا لله تعالى، ولن يحيد عن طريق الحرية والحق حتى ينال جميع حقوقه المشروعة فوق هذه الأرض الطاهرة التي رويت بدماء الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار، وإن شعبا يقيم الخيام مكان البيوت المدمرة ويلتصق بالأرض لن يفرط بهذه الأرض مهما تكن التضحيات، ويعز الفداء والعطاء، فهذه ديار الآباء والأجداد التي باركها الله تعالى.
إن صورة التوحد التي أبداها مجاهدو المقاومة فوق ثرى غزة الأبية ترسل رسالة واضحة بمزيد من الوحدة ورص الصفوف، لا بل ترسل هذه الرسالة إلى شعوب الأمة الإسلامية حيثما كانوا وأينما حلوا، هذه الشعوب التي خرجت إلى الساحات والشوارع تعبر عن دعمها لغزة رافضة مستنكرة للعدوان الآثم. فهلا أدركت أمتنا الإسلامية أهمية الوحدة فعملت على توحيد صفوفها؟
لقد آن الأوان لكل شعوب أمتنا وساستها أن يدركوا أن عزة الأمة وقوتها في اجتماعها ووحدتها وأن ضعفها في فرقتها، فالذئب كما أشار رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم يأكل من الغنم القاصية، وما أكثر ذئاب العالم التي تتحفز لافتراس آمال أمتنا والإبقاء عليها نهباً لأطماع الطامعين من المستعمرين والمحتلين.
إن أمتنا تمتلك من القدرات والطاقات والإمكانيات ما يؤهلها للقيام بدور فاعل في حماية شعوبها ومقدراتها ودفع الظلم والعدوان عن أبنائها،إذا استغلت هذه القدرات والطاقات وسخرتها لخدمة المصلحة العليا للأمة بعيدا عن المحاور أو المصالح الضيقة من قطرية وفصائلية وحزبية وغيرها من المعوقات التي تقف في وجه وحدة الأمة وشعوبها.