تحقيقات

طب الأجنة فى مصر آفاق ليس لها حدود .. و شرعية إجهاض الطفل المشوه تثير الجدل

ــ رئيس الجمعية العربية لطب الجنين :  يمكن من خلال الفحص بالموجات فوق الصوتية اكتشاف حالات مثل “السنسنة المشقوقة” و”متلازمة داون”


ــ دار الإفتاء : إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرون يومًا وهي مدة نفخ الروح فيه فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا


ــ الشيخ علي جمعة : يجوزظ إجهاض الجنين المشوه بعد نفخ الروح فيه إذا رأى الطبيب المختص ذلك و الزوجة التي تحمل في جنين مشوه يجوز لها أن تطيع زوجها في إسقاطه بشرط استشارة الطبيب المختص

تحقيق : بسنت شريف

تطرح “أخبار الساعة” قضية للنقاش حول التقدم الهائل و السريع لطب الأجنة فى العالم و الذى لا يقف عند حدود و مدى تأثيره على علاجات تشوه الأطفال و مدى شرعية إجهاض الأجنة المشوهة دينيا .

Z

فى البداية يقول الدكتور محمد كمال استشارى طب الأطفال و رئيس الجمعية العربية لطب الجنين إن طب الجنين يشمل حالة نمو الجنين  أثناء فترة الحمل و الحفاظ علي صحته ، و كذلك تشخيص أية أمراض أو تشوهات قد تصيبه خلال تلك الفترة و يمكن تقسيم طب الجنين إلي فرعين “تشخيص ما قبل الولادة” و الذي يشمل الكشف عن الحالات غير الطبيعية للجنين و علاجه، أما الفرع الثانى يتمثل فى الخطوات التداخلية التي يتم اتخاذها بعد تحديد إصابة الجنين.

عندما نتحدث عن  تشخيص ما قبل الولادة يجب أن يكون فى الاعتبار أن التكنولوجيا في تطور دائم بالمجال الطبي، ففي المقابل تتطور قدرة اكتشاف الحالات غير الطبيعية التي يمكن أن تصيب الأجنة خلال الحمل لذلك يعد الفحص بالموجات فوق الصوتية الوسيلة المستخدمة والأكثر شيوعاً لفحص الأجنة والأولى من نوعها في تشخيص ما قبل الولادة كما يمكن اتباع وسائل تشخيص تداخلية وغير تداخلية  بالإضافة إلى عدد من الإجراءات التشخيصية.

حول الفحص بالموجات فوق الصوتية أكد رئيس الجمعية العربية لطب الجنين أنه يمكن من خلال هذا الفحص اكتشاف حالات مثل “السنسنة المشقوقة” و”متلازمة داون” وعليه هناك العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها خلال فترة الرعاية ما قبل الولادة مثل مصل “ألفا فيتو بروتين” للأمهات (MSAFP) الذي يعد تقنية خاصة بفحص الدم قد تساعد على الكشف عن “السنسنة المشقوقة” وكذلك تقنية فحص “قياس الشفافية القفوية” التي تعد مهمة لتشخيص “متلازمة داون”. 

ويسمح اكتمال إجراء مصل “ألفا فيتو بروتين” وقياس الشفافية القفوية” بتحسن وسائل ودقة تشخيص “متلازمة داون” نتيجة لاستخدام عدد من الفحوصات والاختبارات يطلق عليها الاختبارات المجمعة أو الثلاثية أو الرباعية.

و أشار الدكتور محمد إلى أن الاختبارات والفحوصات والتشخيصات غير التداخلية تشمل تقنيات الموجات فوق الصوتية ثنائية وثلاثية الأبعاد، وموجات “دوبلر” فوق الصوتية وجهاز ” cardiotocography” لمراقبة القلب ورسم القلب للجنين.

و أضاف يتمثل آخر تطور في التشخيصات غير التداخلية قبل الولادة باستعمال تقنية (NIPD) التي تُعد قفزة هائلة في مجال رعاية ما قبل الولادة حيث تسمح لمختبرنا الوراثي بفحص “الكروموسومات 13 و18 و21 وX وY” بعد مرور عشرة أسابيع من الحمل.

كما  تكشف هذه التقنية أيضاً عن التثليث الصبغي “13 و18 و21” (متلازمة داون)، بالإضافة إلى تحديد جنس الجنين من خلال فحص الدم غير التداخلي.

وقد تم اختبار صلاحية وسلامة نتائج تقنية “NIPD” سريرياً من قبل عدد من المنظمات الصحية الكبرى وتم الإجماع على أن تقنية “NIPD” هي قفزة هائلة وخطوة كبيرة للأمام نحو الكشف عن متلازمة داون بشكل غير تدخلي.

و حول تقنية الاختبارات التشخيصية التداخلية قال إنها تتطلب إجراء تدخل جراحي يبدأ بإدخال الإبر إلى داخل الرحم تحت توجيه الموجات فوق الصوتية وينتهي إلى إجراءات أكثر تدخلاً مثل تنظير الجنين.

ومن أكثر اختبارات التشخيص التداخلية شيوعاً ذكر الدكتور محمد كمال “بزل السائل الأمنيوسي” وفحص عينة الزوائد المشيمية “CVS” وأخذ عينات من الحبل السري.

و أشار رئيس الجمعية العربية لطب الجنين إلى أن علاجات الجنين فرع من “التخصص الجراحي” في  الطب الجنيني، وهي تشمل سلسلة من التدخلات الجراحية التي تهدف إلى الحفاظ على سلامة ورفاهية الجنين، وتشمل تلك التدخلات أساليب طبية غير تداخلية وعمليات جراحية و بشكل عام يشمل التدخل الطبي إدارة أدوية الأم حيث يعبر الدواء من خلال المشيمة ليدخل إلى الدورة الدموية للجنين عن طريق الأم وكمثال على التدخل الطبي يتم أحياناً تشخيص إصابة الجنين بحالات مثل “اضطراب النظم القلبي” و “الرفرفة الأذينية” و قد ينطوي التدخل الجراحي للجنين على إجراء جراحة مباشرة للجنين كما هو الحال في تصحيح الرحم مثل “السنسنة المشقوقة” أو التدخل في المشيمة مثل حالة “متلازمة نقل الدم للتوائم”.

وفي بعض الأحيان قد يتم إجراء التدخل خلال الولادة وتعرف هذه الحالة بتصحيح الرحم أثناء الولادة (EXIT)،غالباً ما تكون تلك الإجراءات معقدة ويتم تنفيذها حينما يُرجح تشخيص عدم بقاء الجنين على قيد الحياة أو إمكانية إصابته بعجز شديد في حالة عدم التدخل الجراحي أثناء الولادة.

ــ تساؤلات وقائية ــ

هناك تساؤلات وقائية لابد و أن تتوفر لها إجابات قد تكون وقائية فى تشخيص حالات متوقعة لأجنة قبل الولادة منها : ما هي كمية السائل الذي يحيط الجنين؟ و هل الحبل السري عليه 3 أوعية دموية؟ و ما هو حجم المشيمة و هل في مكانها أم لا ؟ و ماذا عن حجم عنق الرحم و هل هة مناسب أم لا؟ كذلك هل قلب الجنين في 4 غرف؟ و هل المعدة في مكانها ؟ و ضربات قلب الجنين هل هى في معدلها الطبيعي؟ و كذلك وظائف القلب ما أذا كانت تعمل بشكل سليم؟ و حجم المخ و السوائل ما إذا كانت مناسبة و ضمن معادلاتها الطبيعية؟ و هل العمود الفقري و باقي الوظائف في مكانها أم لا؟

حول هذه التساؤلات و إجاباتها يقول الدكتور محمد كمال رئيس الجمعية العربية لطب الجنين إن هذه الأسئلة يجب علي كل أم حامل أو مقبلة علي الحمل أن تهتم بها و تستشير طبيبها الخاص فيها في بعض الأمور التي تتعلق بالجنين كما يجب علي كل أم أن تكون ملمة بهذه الأمور و أن تقرأ عنها كثيرا حتى يكون لديها خلفية عامة عن ماهية طب الجنين .

و أضاف الدكتور محمد ليست كل أنواع التشوهات يمكن تشخيصها بسبب عدم وجود الإمكانيات الكافية لإجراء هذا التشخيص مشيرا إلى أن كمية السائل الذي يحيط الجنين هي من الأسئلة التي يجب علي كل أم أن تسأل عنها طبيبها الخاص و هل ضربات قلب الجنين بالمعدل الطبيعي؟ فإن المعدل الطبيعي لضربات قلب الجنين ما بين 120 و 180 نبضة في الدقيقة و التأكد من أن الحبل السري علي 3 أوعية دموية ؟ لأنه إذا قلت عن 3 يكون هناك مشكلة .

وقد أفاد دكتور محمد كمال أن عملية الحقن المجهري ليست لها علاقة بأى حالة تشوه يكون عليها الجنين كذلك زواج الأقارب ليس له علاقة بأى حالات تشوه .

ــ الحالة النفسية للأم و شرعية إجهاض الطفل المشوه ــ

Z

من ناحية أخرى هناك جانب آخر هام فى عالم طب الأجنة يتعلق بالحالة النفسية للأم الحامل و حول أهمية هذا الجانب يقول الدكتور أحمد سيكوتوري محمود أحمد زميل الكلية الملكية البريطانية لأطباء النساء و التوليد و زميل الكلية الأمريكية لأطباء النساء و والتوليد و استشاري النساء و التوليد و العقم و جراحة المناظير و الأورام النسائية ماهية الحالة  النفسية التي تكون عليها الأم  تبدو مهمة جدا خاصة فى حالة علمها أن الجنين الذى تحمل فيه به تشوهات أو عيوب خلقية و هنا سؤال يطرح نفسه هل القانون يسمح في حالة وجود تشوه لجنين في رحم أمه بإجهاضه و نل تتوافق الحالة النفسية للأم مع ذلك؟

حول نفس التساؤل أفاد الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوي بدار الإفتاء المصرية و قال إن بعض العلماء لم يجيزوا إسقاط الجنين المشوه إلا إذا كانت هناك خطورة على صحة الأم الحامل و خشينا موتها ومنهم من قال بأنه لا يجوز إسقاطه بتاتًا، وحدد البعض الآخر من العلماء بأنه يجوز إسقاط الجنين المشوه على أن يكون هذا قبل مرحلة نفخ الروح، أما بعد نفخ الروح لا يجوز بتاتًا.

و حول ما إذا كان حكم إجهاض الجنين متعلقا بخطورة الحمل على صحة الأم أكد بيان لدار الإفتاء أن الفقهاء اتفقوا على أنه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرون يومًا وهي مدة نفخ الروح فيه فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلًا للنفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق؛ لقول الله تعالى “وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكَمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ” “الأنعام: 151″، ولقوله تعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” الإسراء: 33، أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائةً وعشرون يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض بعضهم قال بالحُرمة، وهو المُعتَمَد عند المالكية والظاهرية وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض المالكية وبعضهم قال بالإباحة عند وجود العذر، وهو رأي بعض الأحناف والشافعية و الراجح المختار للفتوى في ذلك أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا؛ سواء قبل نفخ الروح أو بعده، إلَّا لضرورةٍ شرعية؛ بأن يقرر الطبيبُ العدلُ الثقةُ أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها أو صحتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه؛ مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.

و بِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال، فما دام أن تقرير الطبيب يفيد أن في استمرار الحَمْل خطرًا على صحة الأمِّ الحامِل بحيث يضُر بها ضررًا بالغًا، فإنه يتجه القول بمشروعية الإجهاض في هذه الحالة، ولا مانع مِن ذلك شرعًا”.

ــ حكم إجهاض الجنين في الشهر الأول ــ

و حول حكم إجهاض الجنين فى الشهر الأول يقول الشيخ محمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن الإجهاض الأصل فيه التحريم إلا لعذر وهذا العذر إما أن يكون فيه خطر على حياة الأم أو صحتها.

وأضاف أمين الفتوى أنه أكد على ذلك فى إجابة لتساؤل تلقاه أثناء حوار معه على “فضائية الناس” حول حكم الإجهاض فى الشهر الأول لأسباب شخصية و قال أنه لا بد فى كل حالة من حالات الإجهاض أن تعرض بحالتها وينظر فى مدى شرعيتها لأن الأصل في الإجهاض التحريم.

من جهته قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية حول نفس القضية إن الإجهاض محرم إلا فى بعض الحالات، منوها أنه إذا وجدت أسباب طبية قوية، ووصلت لدار الإفتاء تؤكد أن بقاء الجنين يمثل خطرا على الأم وتابع المفتي إذا كان الجنين يعاني من تشوه شديد جدا قبل “نفخ الروح فيه” فلا ضرر من الإجهاض وأكد أن الإجهاض بغير هذه الأسباب يعد جريمة من الجرائم.

 إلا أن الشيخ علي جمعة كان له رأى آخر فى حكم إجهاض الجنين المشوه بعد نفخ الروح فيه بأنه يجوز إذا رأى الطبيب المختص ذلك و إن الزوجة التي حملت في جنين مشوه، يجوز لها أن تطيع زوجها في إسقاطه بعد نفخ الروح فيه، بشرط أن يكون ذلك باستشارة الطبيب المختص الذي رأى ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى