زهرة شوشة تكتب: أبويا وصاني
كان أبي شابًا ريفيًا في نهاية سنواته الجامعية ملامحه نضرة وتملأ العافية كتفيه.
في صباح طيب من صباحات الريف أخذه جدي من يده وسارا نحو مركز الشرطة .. لم يكن في الأمر ذنب ولا شكوى .. بل عن تلبية واجب نادى به الوطن .. قال جدي للضابط وهو يرفع رأسه بثبات: خدوا ابني على الجبهة ابني عفيّ .. خدوه يحارب. نظر إليه الضابط مترددا وقال:
يا حاج، مش هينفع… ابنك لسه طالب وكمان بيحارب بس جبهة داخلية فرد جدي بصوت حاسم كالسيف: لا .. يسيب التعليم ويلحق زمايلة اللي فوق .. وكمان أمه محلفاني ما أرجع به.
ساد الصمت لحظة كأن المكان كله وقف احتراما لتلك الأم البسيطة التي أرسلت ولدها إلى قلب النار باسم الوطن .. ولأب صدّق وعد الله .. ولقلب خاف أن يخون العهد .. من يومها عرفت أن الرجولة لا تقاس بالقوة بل بالوفاء .. وأن بعض الأمهات لا يلدن أبناء فحسب .. بل يلدن للوطن رجالاً.
وهكذا توارثنا حب مصر .. اللهم اجعلها أمنًا وأمانًا ليوم يبعثون.