د. أيمن السيسي يكتب: الـ”فيس بوك” .. أزمة العرب والشعوب المتخلفة
أصبحت صفحات “فيس بوك” وغيرها من التطبيقات الحديثة سببا في أزمات مهلكة ، تؤدى في كثير من الأحيان إلى حوادث قتل وخلافات جذرية بين أفراد وعائلات ، وعلى مستوى الدول أصبحت أداة من أدوات الحروب و التخريب ونشر الشائعات. فمستخدمي هذه الصفحات والتطبيقات غالبيتهم من الجاهلين منعدمي التعليم الذين لا حظ لهم من العلم سوى “فك الخط” وأيضا من ذوي الإتجاهات التخريبية والعملاء لأعداء بلادهم ، أقول ذلك كمقدمة لتعليق على مادة نشرت على إحدى صفحات “الجهل” أشار لي رجل السياحة في أسوان عبد الناصر صابر ، إلى الصفحة وكتب صاحبها عن استمرار العبودية في موريتانيا.
يقول كاتبها “في القرن الحادي والعشرين لا تزال موريتانيا تحافظ على سوق العبيد، فأكثر من 80 ألف إنسان يعيشون كملك يمين وفق تقارير أممية ، أي عار أكبر من أن تكون الدولة الوحيدة التي أبقت على هذا العفن التاريخي وكأنه إرث مقدس؟ إنها وصمة سوداء على جبين موريتانيا”! وسألني عبد الناصر صابر: هل هذا صحيح؟ (لعلمه عن تخصصي العلمي والمهني في منطقة غرب أفريقيا وخصوصا موريتانيا) ، وأقول – من خلال هذين التخصصين وتعدد زياراتي لموريتانيا على مدى ربع قرن ، لم أجد أو أصادف في موريتانيا أي حالة من حالات العبودية نهائيا ، صحيح أنني سمعت من بعض الحقوقيين ما لم يقدموا دليلا عليه، وهو ما قد سجلته في كتابي (من نواكشوط إلى تمبكتو .. الكتابة على حافة الموت) مدققا ومستقصيا ، فلم تعد هناك حالات عبودية بالمعني القديم، بيع وشراء، انتهت، وآخر مرة بيعت فيها امرأة أمه أسمها مباركة عام 1979 في مدينة “اطار” في السوق، علم بها “مناضلون” ضد العبودية من جمعية اسمها “الحر” فتظاهروا مع مؤيديهم ، .. ولاحظ هنا كلمة علموا بها!! ولم يرها أحد منهم ،
وبسبب بعض الممارسات الخاطئة ومقابلها حملات التشويه حظرت موريتانيا العبودية في قوانينها منذ استقلالها عام 1960 أي شكل من أشكال العبودية وكان آخر قوانينها عام 1981 وخصصت لها محاكم خاصه، وجرمت العبودية قبل عقود واعتبرتها جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ، وذلك ضمن العديد من الإجراءات والخطوات التي تحاول من خلالها إغلاق هذا الملف .
أما أسباب شيوع هذه الفرية ، فهي قناة الجزيرة القطرية – دائمة التخريب في العالم العربي – عندما أنتجت فيلما وثائقيا عن العبودية في موريتانيا عام 2011 لرفض الحكومة الموريتانية تدخل قطر في أمور حساسة في الدولة ، ولدعمها للإرهاب على حدودها في منطقة الساحل الأفريقي ، وهو ما دعم عمل حقوقيين في موريتانيا يرتزقون من حملاتهم ضد بلادها للحصول على دعم مالي كبير من الغرب فضلا عن الشهرة والنجومية ، ولا يخفى على أحد كيف يتم التقاط أمثال هؤلاء وتجنيدهم لتشوية بلادهم وتخريبها تمهيدا لتنفيذ مخطط الأفروسنتريك بتفتيت موريتانيا ضمن مخطط أكبر لطرد العرب من أفريقيا ، صحيح أن هناك أحفاد للعبيد القدامي ، كما في أمريكا وأوربا الآن ، وهم يعيشون في بلدهم موريتانيا في حرية حقيقية ومساواة عملية في كل المجالات و الحقوق والواجبات.
ولى من أستاذتي الأكاديميين وأصدقائي وزراء وصحفيين وكُتاب ورجال أعمال من “الحراطين” وهم أحفاد العبيد الأوائل ، ومؤخرا ، وقبل عامين أصدر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قرارا بإنشاء “المدرسة الجمهورية” وهو في رأيي من أهم ما تم في موريتانيا الحديثة بعد الاستقلال لأنه يعمم تدريس اللغة العربية ويمنع ازدواجية اللغة في المدارس التي يدرس فيها أبناء الموريتانيين على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وواقعهم الاجتماعي والاقتصادي .
تتكون موريتانيا عرقيا من تنوع الأعراق، 80% عرب وبربر (البيضان) ومعهم العرب السمر (الحراطين) يتكلمون اللغة العربية (الحسانية) و 20% من الأفارقة الزنوج (الولوف، السننكي، البولار).