د. أيمن السيسى يكتب: أمريكا: السقوط أضحي قريبا .. ولا عزاء للجن
سأل أحدهم لماذا لا تقوم في أمريكا ثورة؟ فجاء الرد: لأن ليس بها سفارة أمريكية (تشجع العصاة وتدعم الثوار والمتمردين كما حدث في أوكرانيا، وليبيا، ومصر، والسودان، وسوريا، واليمن، وغيرهما) وتلك حقيقة، ولكن ما يحدث في (لوس أنجلوس) كاليفورنيا الآن أليس مماثلا لما حدث في هذي البلاد؟ قنابل المولوتوف وإحراق السيارات وقنابل الغاز المسيلة للدموع واصطفاف الشرطة وطائرات الهيلوكوبتر التي تحوم فوق رءوس المتظاهرين وإحراق العلم الأمريكي ، وغيرها من مظاهر الثورة والاحتجاجات ، فهل ستسقط أمريكا؟
أقول: نعم ستسقط ، سقوط التفكك ، لتتمخض بعدها عن عدد من الدول. وأولها كاليفورنيا (يفكر ترامب في اعتقال حاكمها) ، ولكن هل بات ذلك قريبا؟ نعم أضحى قريبا ، وأقرب مما يتصور البعض .. ولكن ليس إثر هذه المظاهرات ، حتى وإن توسعت ، فهي مجرد إرهاصات ما قبل إعلان الوفاة ، ومنها المظاهرات السابقة عامي 2006 و 2008 ، و اقتحام الكونجرس وكورونا، ومظاهرات الجيل الجديد من الطلاب في جامعات كولورادو وكولومبيا وغيرهما ، ومظاهرات السود بعد مقتل جورج فلوريد في مدينة مينيابوليس، والشاب الأسود باتريك ليويا في جراند رابيدز، في ولاية ميشيجان “، واندلاع المظاهرات في أكثر من 1000 مدينة أمريكية، مثل واشنطن، ونيويورك، وبوسطن، وشيكاغو، ولوس أنجلوس،، وهي حوادث تكررت كثيرا جدا ،فضلا عن حوادث القتل في المدارس والشوارع والحدائق في أمريكا ، وكذلك تسريح العلماء المشرفين على أبحاث وبرامج علمية، وتسريح كثير من موظفي وضباط الـCIA وغيرها.
كل ذلك يؤكد اهتزازا عقليا خلف الغضب الشعبي المتزايد تجاه ترامب، فضلا عن وضع اقتصادي هو الأسوأ في تاريخ البلاد ، (أكثر من 37 تريليون دولار ديون)، والصراع بين السلطة والمال والفساد أصبح فوق ما يمكن استمراره يؤدي الآن إلى تكسير عظام الدولة وشل مفاصلها ، كما أن أمريكا تقاتل على جبهتين، خارجيًا: ضد الصين وروسيا وإيران، وبل هي في حرب حقيقية مع أغلب دول وشعوب العالم ، فلم يسجل التاريخ حجم كراهية عالمية ضد دولة كما نرى الآن ضد أمريكا.
الولايات المتحدة تصدعت من الداخل بما يكفي لانهيارها وتفككها ، خصوصا بعد أن حولها ترامب من دولة مهيمنة إلى دولة وظيفية لصالحه ولصالح بضعة أفراد، كان منهم إيلون ماسك الذي تبادل اللكمات مع وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” في البيت الأبيض، ولكن ما السر في العلاقة المريبة بين إيلون ماسك وترامب؟! ترامب وصف ماسك بأنه “مجنون ومدمن مخدرات” وطرده من البيت الأبيض ، فهل سنشهد فضائح أخلاقية بينهما أشد وأنكى مما سربه ماسك عن علاقة ترامب بجزيرة أبستين ، هل سيستمر ترامب في البيت الأبيض؟ لا أعتقد ، وإن استمرّ ولم يُقتل- فسوف يؤدي إلى التعجيل بالتفكيك ، لأن هذا الانحلال والجنون، وهذه الاستهانة بمصائر البشر لابد وأن ينتهي والإبادة لابد أن تتوقف ..خصوصا في فلسطين.
وستسقط أمريكا ونظامها العالمي ، ومعها ستسقط إسرائيل لأنها وليدة هذا النظام ، ولا يغرنكم أن أمريكا دولة قوية ، الاتحاد السوفيتي كان أيضا دولة قوية ، وفجأة أصبح ماضى، الاتحاد السوفيتي كان مشكل من دول وأعراق ولغات وديانات شتي، أما أمريكا فإنها مكونة من جماعات شتى من مختلف البلدان الديانات والأعراق والنوازع لا يجمع بينهم إلا تأمين صحي وخدمات ، لكن لكل منهم موطنه الأصلي.
أسباب انهيار أمريكا كثيرة، أمريكا شاخت وماتت وأصبحت كالمستند إلى منسأة أكلتها دابة الأرض ، وعندما يخر ويسقط سيندم الجميع على أنهم لبثوا في العذاب المهين ، وسيندمون على أموالهم التي سلبها ترامب ولكن لن يكون لديهم وقت للندم ، وقتها لن تجدهم ولن تجد دولهم، ولن أمريكا نفسها التي بدأت بحرب بين ولاياتها وستنتهي بحرب بينها وقد أضحى ذاك قريبا.