مقالات
د. أشرف رضوان يكتب: هل أُسدل الستار على مشروع الإيجارات القديمة؟

منذ عامين قرأنا فى بعض المواقع الإلكترونية تدخل الحكومة كطرف ثالث بين المالك أو المشترى وبين الشركات الاستثمارية العقارية. وقد تعهدت الحكومة عن طريق بعض الضوابط أن تضمن للمالك حقوقه مع المستثمر العقارى . جاءت هذه التصريحات من الحكومة بعد صرخات عدة من الملاك ضحايا النصب العقارى خاصة بعد زيادة عدد هذه الشركات.
فقد قررت الحكومة أن تدخل كطرف ثالث لفض هذا الاشتباك ووضع ضوابط للمستثمرين لضمان جديتهم فى الاستثمار . كانت الشكاوى الأساسية هى تأخير تسليم الوحدات وفرض مبالغ إضافية غير منصوص عليها فى التعاقد كشرط لاستكمال البناء والتسليم اعتمادا من شركات النصب العقارى بأن العقد هو عقد إزعان من طرف واحد لصالح الشركة وإذا طلب المالك استرداد المبالغ التى دفعها فإنه يتسلمها على أقساط بنفس طريقة الدفع.
ومرت سنوات بعد تصريحات الحكومة دون أن يرى هذا القانون الضوء ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن ولايزال ضحايا النصب العقارى يستغيثون للحكومة لإنقاذهم والوفاء بوعدها دون جدوى!! هذه المقدمة قد تفسر نبذة عن توجهات الحكومة وطريقة تعاملها فى بعض الملفات الهامة التى تخص المواطن، فقد تركته الحكومة مرة أخرى ليكون فريسة لشركات النصب العقارى دون تدخل منها لإنقاذه!! واليوم تحاول الحكومة تقديم مشروع تعديل الإيجارات القديمة مع وعدها للمستأجرين بأنها سوف توفر لهم وحدات بديلة بعد انتهاء الفترة الانتقالية التى حددتها الحكومة للمستأجر لتحرير العلاقة!!
والغريب أن الحكومة دعت إلى حوار مجتمعى للاستماع لجميع الطوائف الذين أجمعوا على رفضهم لهذا المشروع سواء النقابات المهنية مثل اتحاد نقابات المهن الطبية أو الصيادلة أو المهندسين وحذروا جميعا من تبعات تنفيذ هذا المشروع. إلا أن الحكومة ضربت بعرض الحائط هذه الآراء وكأنها لم تستمع لأحد من هؤلاء وأصرت على تقديم المشروع كما هو دون خطة واضحة لكيفية توفير البدائل .
وهناك شقين فى هذا المشروع لهما دلالة واضحة على أن الحكومة لا تبالى ولا تستمع للقوانين ولا الدستور، أولهما أنها خالفت حكم المحكمة الدستورية الصادر عام ٢٠٠٢ بأحقية المستأجر فى الامتداد لجيل واحد بعد المستأجر الأصلى وهى تعلم أن أحكام المحكمة الدستورية ملزمة لكافة الأطراف التنفيذية والتشريعية والقضائية ولا يجوز الطعن عليها لأنها أحكام نهائية . أما الشق الثانى فهو الإجراءات التى اتبعتها الحكومة لتمرير هذا القانون، فكان من الطبيعى طبقا للدستور أن تعرض هذا المشروع أولا على مجلس الشيوخ لأخذ الرأى خاصة عندما يتعلق بالناحية الدستورية ويمس السلم المجتمعى وهو ما وقعت فيه الحكومة. أما عن الأحزاب التى تساعد موقف الحكومة فهو حزب الأغلبية وليس لديهم الحجج القوية لكى يكون لهم مبررات على أسس موضوعية، وكلما وجهت إليهم المعارضة اتهام بخرق الدستور يصروا على كلمة واحدة وهى أنهم لم يخالفوا الدستور دون تقديم ما يفيد من الناحية القانونية!!
وقد شاهد الشعب المصرى عبر شاشات التليفزيون فى الكثير من القنوات رفض أحزاب المعارضة والمستقلين التام لهذا المشروع الذى اتهمه البعض بأنه جاء لتحقيق أغراض تخدم بعض شركات الاستثمار العقارى وليس الملاك . ولما لا فقد سردنا فى أول المقال كيف تنصلت الحكومة من ملاك ضحايا النصب العقارى ولم تتدخل حتى الآن لإنقاذهم. فكيف نقتنع بمصداقية الحكومة سواء بتوفير بديل للمستأحرين أو إصرارها على تمرير هذا القانون بالمخالفة للدستور من أجل الملاك!!. العديد من أعضاء البرلمان طالبوا الحكومة بتقديم استقالتها بعد فشلها فى كثير من الملفات وعلى رأسها الأسعار وتحرير سعر الصرف الذى وصل إلى خمسون جنيها مقابل الدولار خاصة وأن الحكومة لا تزال تهتم بمشروعات ليست ذات أولوية ولم تعود على المواطن بالنفع حتى الآن ومنها خصخصة المستشفيات التى ادعت أنها سوف تحدث طفرة فى علاج المواطنين ولم تحدث حتى الآن!!.
لهذه الأسباب طالب الكثيرون فى مجلس النواب باستقالة الحكومة وبعضهم طالب باستجوابها قبل رحيلها.

