مقالات
د. أشرف رضوان يكتب: الحكومة والقناع الخفي
فى أحد الأفلام السينمائية القديمة كان الفنان فؤاد شفيق يمثل دور موظف بالمعاش تفرغ للقاء أصدقاؤه فى المنزل لتحضير أرواح من توفوا وكان لديه خادم يسمى زينهم والذى قام بدوره الفنان عبد المنعم إبراهيم . اللافت للنظر أن وجه زينهم لم يريح قلب عبد الصبور ذلك الموظف بالمعاش لذلك كان يطلب منه كلما رآه بدون قناع الوجه أن يطلب منه ارتداء القناع بجملته المشهورة (خبى وشك شكلك بيلبش جتتى) .
فى الحقيقة هناك ربط بين هذا الحدث وما يحدث من الحكومة وبعض أعضاء مجلس النواب الذين تآمروا على المواطنين الآمنين وتدخلوا فى العلاقة بين المالك والمستأجر لإنهاء هذه العلاقة بعد خمس سنوات للتجارى وسبع سنوات للسكنى وقد بح صوت المعارضين لهذا القانون المشبوه دون جدوى . وما زاد الأمور دهشة هو ما قاله السيد رئيس مجلس النواب للحكومة مهاجما ما تسلكه الحكومة فى كل مرة من عدم الجاهزية بالمستندات المطلوبة عند تقديمها باقتراح القوانين، وكان ذلك قبيل التصويت على الموافقة على القانون بساعات. وعلى الرغم من التصفيق الحاد الذى كان فى مجلس النواب تضامنا منهم مع المستأجرين لعدم إقرار القانون، لكن ما يثير العجب أنه نفس المجلس الذى وافق على القانون بعد إحضار الحكومة المستندات بين ليلة وضحاها! وكأنه تلقى تعليمات بتغيير موقفه! فأى مبدأ يسير به هؤلاء الأعضاء وكيف يواجهون الشعب بعد هذه المهزلة وكيف يحاول كلا منهم الترشح ثانية لعضوية مجلس النواب بعد ما تسبب فى تشريد الملايين من الشعب المصرى بهذا القانون الجائر؟!. ولما لا وهم ينتمون لحزب الأغلبية، ذلك الحزب الذى جاء لتحطيم آمال الشعب بدلا من بناء مستقبله.
لقد وصل الأمر بهؤلاء أن لا أحد من المواطنين المتضررين يرغب فى النظر لهؤلاء الذين تسببوا فى تكدير السلم المجتمعى وفى إحداث فرقة بين أطياف الشعب الواحد . هؤلاء المواطنين المتضررين يتمنون أن يرتدي كل فرد منهم قناع (زينهم) لأن وجود صورهم فى الصحف بأخبارهم الاستفزازية يجعلهم غير راضين على رؤيتهم لأنهم لا حول لهم ولا قوة وكأنهم جاؤا للتآمر على الشعب وليس لمساعدته خاصة فى ظل هذا الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد .
فمصر محاطة من كل جانب بالمخاطر ونحن بحاجة إلى تكاتف الشعب المصرى على قلب رجل واحد فى هذه المرحلة الحرجة لا لانقسامه بسبب مثل هذا القانون المعيب الذى يسمى تعديل قانون الإيجار القديم. وعلى الرغم من رفض هذا التعديل من كافة أطياف المجتمع الذين حضروا لمناقشته بالمجلس إلا أن الحكومة أصرت على تقديمه كما هو دون حذف وكأنها لا ترى ممثلين الشعب الذين رفضوا هذا القانون الجائر . هذا بالإضافة إلى ما هو أهم من ذلك وهو أن هذا التعديل يخالف حكم المحكمة الدستورية، ورغم مناشدة العديد من الإعلاميين لمنع هذا القانون المعدل إلا أن الحكومة ضربت بكل هذا عرض الحائط وأجبرت مجلس النواب على الموافقة عليه .
السؤال: أليس من المنطق أن يعترض مجلس النواب ولا يتم الموافقة على أى قانون إلا بعد موافقته؟!. فمن أين جاءت قوة الحكومة وضعف المجلس إلا القليل منهم، وإذا كان الأمر كذلك فليتم إلغاء مجلس النواب ويكتفى بالحكومة مادامت هى صاحبة أى قرار بالإجبار!. والغريب أننا لم نجد عضو من أعضاء المجلس يناقش الحكومة فيما يخص شركات النصب العقارى الذين يفعلون ما يحلو لهم بالنصب على المواطنين دون تدخل من الحكومة للسيطرة على هذه الظاهرة وكأنها تؤيد ما يفعلونه مع المتضررين على الرغم من وعود الحكومة منذ ثلاث سنوات بالتدخل كطرف ثالث لصالح الملاك المتضررين من هذه الشركات للحفاظ على حقوقهم!.
إن المواطن المصرى يشعر وكأنه غريبا فى بلده وخاصة بعد زيادة الأسعار وعدم السيطرة عليها . كيف يعيش المواطن بعدما تم تحريك سعر الصرف لكى يصبح قيمة الدولار خمسون جنيها بعدما كان ثمان جنيهات الأمر الذى أدى إلى ارتفاع جميع السلع الغذائية وغيرها وأسعار العقارات بالإضافة إلى وجود الملايين من اللاجئين من سوريا والسودان فى مصر مما زاد الأمور تعقيدا . إن الحكومة أصبحت تتعامل وكأنه لا يوجد شعب فهى لا ترى المواطن وكل ما تراه هو جيب المواطن الذى أفلس تماما وأصبح لا يملك قوت يومه وليس هناك خطة واضحة أو جدول زمنى لنهاية هذه المأساة ومع ذلك تحمل المواطن الكثير من التحديات ولكن عندما تصل الأمور إلى طرده من مسكنه الذى يؤيه فنحن أصبحنا نعيش فى غابة وليس فى وطن . فقد أصبح المواطن يخاف من الحكومة أكثر مما يخاف من أى شىء آخر. لقد تخطت هذه الحكومة كل الخطوط الحمراء فى تاريخ مصر دون أى خطة واضحة أو جدول زمنى محدد لنهاية هذه المأساة.
ولا يتبقى سوى أمر واحد وهو رفع الحصانة البرلمانية عن عضو البرلمان خارج المجلس وهو ما ننادى به من قديم الأزل فليس من المعقول أن يكون هناك أعضاء يدفعون أموالاً لدخول مجلس النواب من أجل المواطن البسيط والدليل ما حدث فى تعديل قانون الإيجار القديم لم يجد المواطن من يسانده أو يعترض على هذا القانون الجائر ما عدا القليل من الأعضاء.
لذلك نريد أن نرى مجلس قوى بأعضاء يحبون الوطن والمواطن ويعملون من أجله ومن أجل رفعته .