دور المعلم فى تحقيق الانتماء الوطنى
مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادى سابقًا
مع
بدء العام الدراسى لابد من الإشارة إلى ما يبذله المعلم من جهد كبير فى أداء
رسالته التى تتمثل فى تنشئة جيل المستقبل. فقد حمله الوطن رسالة مقدسة ألا وهى خلق
المواطن الصالح المؤمن بقيمه الانتماء لوطنه، وبدوره الإيجابى فى تحقيق آمال أمته
ورخاءها وما يبذله المعلم فى أداء رسالته من جهد وعناء.فالمعلم
هو الشمعة التى تضيء للآخرين طريق العزة والكرامة، إنه القدوة الحسنة لأبنائه الطلبة
الذين يكتسبون منه العلم والثقافة والخلق والسلوك الطيب، إنه الأمل المرجو فى
تطوير البلاد ورقيها.
ومن
هنا نستطيع القول أن المعلم له الفضل فى تحقيق الانتماء الوطنى لدى تلاميذه وطلابه
عن طريق المناهج المطورة والأنشطة المختلفة ومواقف الحياة المتعددة فى المدرسة
وخارجها يستطيع أن يؤكد هذا الاتجاه سواء فى الناحية العملية، أو السلوكية. وهذا ما
يمكن توضيحه فى النقاط التالية:
–المعلم له دور مهم فى اتباع
الأساليب التربوية الحديثة التى تدعو الطالب إلى التفكير الإيجابى فى عملية التعلم
(وليس المتلقى) وهذا الأسلوب العلمى فى المناهج الدراسية يُكون لديهم روح التفكير
المنظم المرتب الذى ينفعهم داخل المدرسة وخارجها وفى حياتهم المستقبلية.
– التربية القومية هى أساس العلم ومفتاح الثقافة بمفرداتها وحروفها
وقواعدها المميزة. فلغتنا العربية غنية ومليئة بأساليبها الفريدة المتعددة من بين
اللغات السامية وهى لغة الفرآن الكريم. ومن هنا يجب على المعلم أن يشجع طلابه على
حبها والحديث بها إلى جانب الاهتمام باللغات الأجنبية، وإتاحة الفرصة أمامهم على القراءة
الحرة الهادفة والاطلاع على كل جديد على المستوى المحلى والعالمى. يقول أحد
الفلاسفة: (إن صداقة الكتب أفضل من صداقة الناس، فهى لا تتكلم إلا عندما نريد نحن
وتسكت عندما يكون هناك ما يشغلنا، إنها تعطى دائما ولا تطلب أبدا)
– الاهتمام ببناء الإنسان روحيا من خلال المناهج والأنشطة التربوية
على تأصيل القيم الروحية والخلقية والوطنية السليمة حتى يتمكن الطلاب من مواجهة
الانحراف والتيارات الدخيلة والتى انتشرت فى المجتمع وتتمثل فى التحرش والتنمر
بأنواعه والعنف الذكورى ضد المرأة وجرائم القتل والسرقة، فالمجتمع يواجه حالة من
التدنى فى التربية والأخلاق. وهنا يبرز دور المعلم فى التوجه السليم نحو تكوين الإنسان
المتدين التقى الذى يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويعرف الحلال
والحرام ويعمل على سعادة نفسه ومجتمعه من خلال الدائرة الإيمانية فى جميع جوانبها
فهو القدوة والأسوة الحسنة النى يجب أن نقتدي بها. فمن خلال دراسته وفهمه للقرآن
والسنة يعرف الفرق بين الحق والباطل والخير والشر والجمال والقبح وبذلك نخرجه من حالة
الظلام والفساد التى انتشرت واستشرت بين شبابنا إلى النور.
– المشاركة فى المشروعات القومية مثل: (ردم البرك والمستنقعات فى
الريف، وتعبيد الطرق، والأمن الغذائى، ومكافحة الأمية، وزراعة الأشجار..إلخ
وتعويدهم على روح النظافة والإسهام فى حل مشكلات المجتمع، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ
المشروع القومى (حياة كريمة).
– المحافظة على نظافة المدرسة ومرافقها والشوارع المحيطة بها.
فالشارع والمدرسة جزء مهم وعزيز على الجميع وعلينا نظافته والاهتمام به، ومشاركة المعلم
طلابه فى تحمل المسئولية عند القيام بعمل ما فإنه يعودهم على اتباع سلوك حسن
ينفعهم فى حاضرهم ومستقبلهم عندما يتولون مسئولية قيادة هذا الوطن ويكون الولاء له
هو غاية ما يعملون من أجله .
– الاهتمام بدراسة تاريخ مصر الحضارة، القديم منه والحديث، وإبراز
عناصر المجد وأسباب الانتصار وبيان أسباب الفشل والنجاح للطلاب عن طريق القراءة
الحرة وما ورد بكتب التاريخ ثم التعبير عن كل ذلك بالكلمة والصورة والمقال والشعر
والعروض المسرحية، ويستطيع المعلم أن يحلق بطلابه إلى عنان السماء من خلال الشرح ما
فعله القدماء وقدمه الآباء والأجداد لخير هذا الوطن ودور الشباب فى رفع رايته.وعلى المعلم أيضًا أن يوجه طلابه نحو معرفة دستور البلاد وما هو دور الأحزاب
وكيف تتم الانتخابات الرئاسية ومجلس النواب والشيوخ، وما هو دورهم تجاه الشعب. ومن
هنا يجب الاهتمام باتحاد الطلبة سواء فى المرحلة الإعدادية أو الثانوية أو
الجامعية، واستيعاب الطلبة لمعنى الحكم الذاتى عن طريق الجماعات الثقافية التى
تساعد الطلاب على تكوينهم الثقافى والعقلى فى المستقبل
.
– الاهتمام بدراسة موقع مصر الجغرافي
فى الوادى والصحراء والتعرف على خيرات نهر النيل العظيم والمشروعات التى أقيمت
عليه من أجل التحكم فى مياهه لصالح الأرض الزراعية، خاصة السد العالى وموقف الدول
الاستعمارية وخوض مصر الحرب من أجله بشجاعة وتحقيق النصر بتضحية الآباء والأجداد،
ثم يتناول المعلم تعنت إثيوبيا وموقف مصر الثابت من سد النهضة
.
– جماعات النشاط الفنى والثقافى والرياضى والدينى أيضا لها دور
كبير فى تهذيب الأخلاق والبعد عن الأنانية الفردية والتمسك بالقيم والسلوكيات
الحسنة وروح الجماعة، والاهتمام بالعمل اليدوى فى المدرسة عن طريق بعض المجالات العملية
المناسبة للبيئة المحلية وقدرات التلاميذ وهو ما يحقق قدرا من المعلومات الثقافية
والمهنية والإنتاج الذى يتلاءم مع قدراتهم وإمكاناتهم.
كما
أن للمعلم دور مهم فى القيام بمصاحبة طلابه برحلات وزيارات داخل الجمهورية للمؤسسات
والهيئات والمصانع المنتجة الاقتصادية والصناعية والزراعية لمتابعة مراحل الإنتاج
والتوزيع والاستهلاك ما يؤثر فى نفوسهم وما يحدثه من تفاعل وتعامل مع المسئولين
والقائمين عليها ومعايشة الخبرة العملية على الطبيعة وتعويد الطلاب على احترام
العمل والعمال، وبدونهم لن تكون مصر. فمن واجبنا أن نعمل ونزيد من الإنتاج وجودته حتى
نعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتى والاستغناء عن الاستيراد من الخارج وتوفير الملايين
من الدولارات، حيث أن مصر تمر بأزمة اقتصادية طاحنة أثرت بشكل كبير فى عملية
التضخم وبالتالى ارتفاع الأسعار التى تسببت فى حالة إحباط شديد لدى فئات كبيرة من
الناس. ونأمل أن تنتهى عن قريب.
–السلوك الحسن هدف تسعى إليه التربية ولن
يأتى إلا بالعيش داخل جماعات مختلفة رياضية واجتماعية وفنية، ويأتى المعلم على قمة
هذا السلوك، وعليه أن ينصح طلابه على التمسك بالخلق الكريم والبعد عن كل ما يجرح
الإنسان ويحط من قدره وكرامته، وروح والعطاء ومساعدة الآخرين ونجدتهم مثل (التبرع
بالدم)، والاقتصاد فى استخدام الإمكانات المتاحة مثل (المياه، والطاقة وعدم
إهدارها).
وللأسف،
نشاهد الكثير من المدارس تهدر الإمكانات المتاحة كالكهرباء التى تظل مضيئة طول
الليل والفصول فارغة من الطلبة، ودورات المياه سيئة وغير آدمية، وإهدار وتسريب فى المياه
طوال الليل والنهار ولا أحد يتحرك لوقف هذا الخلل، وننصح الطلاب بعدم إهدار الإمكانات
المتاحة والمراقبة من جهة المسئولين بالمدارس لعلاج المشكلات التى تتسبب فى خلل العملية
التعليمية.
وهكذا
فإن المُعلم هو بحق فى قمة المسئولية لأداء الرسالة التعليمية السامية بجد وإخلاص لإعداد
أجيال قادمة على الحياة الكريمة الحرة الشريفة وعلى تحقيق المزيد من الولاء لبلدهم
– عملاً وليس قولاً-.