اقتصاد

جولد بيليون: 1.4% تراجعا في أسعار الذهب بالبورصة العالمية خلال مايو 2023

كتبت: أسماء صلاح


الذهب يختتم تداولات شهر مايو على انخفاض بعد تقلبات حادة، شهدتها أسواق الذهب، في ظل تطورات أزمة سقف الدين الأمريكي، وتغير توقعات الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي، مما سمح للدولار بتسجيل ارتفاع على المستوى الشهري ، ليجبر الذهب على الهبوط.

وانخفضت أسعار الذهب، خلال شهر مايو بنسبة 1.4% ليفقد قرابة 30 دولار ، بعد أن شهدت بدايات الشهر تسجيل أعلى مستوى في تاريخ الذهب عند 2080 دولار للأونصة، قبل أن يبدأ سلسلة في الهبوط استمرت ثلاثة أسابيع متتالية، ليصل إلى أدنى مستوياته في شهرين عند 1931 دولار للأونصة.

يعد هذا الانخفاض الشهري هو الأول منذ فبراير الماضي. ويجدر القول إن سعر اغلاق الذهب، في شهر مايو يظل أعلى من سعر افتتاح تداولات عام 2023 بمقدار 135 دولار، ولكنه أقل من أعلى مستوى تاريخي تم تسجيله بمقدار 118 دولار.

هذا وقد شهد شهر مايو تقلبات حادة في أسعار الذهب ، من اعلى مستوى تاريخي إلى أدنى مستوى في شهرين، وذلك بسبب التغير الكبير في العوامل التي تؤثر على الأسواق ، وخاصة أزمة سقف الدين الأمريكي وتغير توقعات الفائدة من قبل الفيدرالي.


فيما سيطرت أزمة سقف الدين الأمريكي ، على الأسواق منذ بدايات الشهر الماضي، مع تزايد المخاوف من تخلف الولايات المتحدة، عن قدرتها على سداد التزاماتها للمرة الأولى، وذلك بسبب انقسام حاد بين أعضاء الكونجرس الجمهوريين والديمقراطيين، على الموازنة الأمريكية، ورفض الجمهوريين الموافقة على رفع سقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار، قبل إحداث تغير في أوجه إنفاق الموازنة.

واستمر السجال بين الحزبين وتدخل الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعقد أكثر من اجتماع مع رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي، من أجل التوصل إلى حلول، وقد سيطر الفشل على أغلب هذه الاجتماعات بسبب رفض تنازل أي من الطرفين عن مطالبه.

في الوقت نفسه استمرت وزيرة الخزانة جانيت يليلن ، في إرسال تحذيرات للكونجرس الأمريكي ، والإدارة الأمريكية بالوضع الكارثي الذي تقدم عليه الولايات المتحدة، في حال تخلفها عن سداد التزاماتها، وأثر ذلك العنيف على كل من الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي، لتضع بداية يونيو موعد نهائي لنفاذ الأموال من الحكومة الأمريكية وعدم قدرتها على السداد.

ومنذ أيام معدودة توصل الرئيس الأمريكي، مع رئيس مجلس النواب، إلى اتفاق لرفع سقف الدين. وتمت موافقة مجلس النواب عليه يوم أمس لينتظر موافقة مجلس الشيوخ.

والجدير بالذكر ، أن الذهب تفاعل مع أزمة سقف الدين بشكل كبير خلال شهر مايو، فالمخاوف التي نتجت عنها في الأسواق كانت الداعم الأساسي والوحيد لأسعار الذهب كونه استثمار الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، ولكن مع نهاية الشهر وبعد صدور العديد من التصريحات الإيجابية ، بشأن التوصل إلى اتفاق، فقد الذهب هذا الدعم وتعرض لانخفاض كبير ليسجل أدنى مستوياته منذ شهرين.

تغير توقعات الفائدة في الأسواق

بالرغم من الدعم الذي حصل عليه الذهب خلال الشهر الماضي من جراء تطورات أزمة سقف الدين الأمريكي، إلا أنه تعرض لضغط سلبي كبير ناتج عن تغير توقعات الفائدة في الأسواق، والتي كان لها أكبر الأثر على حركة الذهب ودفعه إلى التراجع والتصحيح السلبي.

اجتماع البنك الفيدرالي في بداية شهر مايو شهد رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس وإشارة البنك إلى إمكانية تثبيت الفائدة في اجتماع يونيو القادم، بالإضافة إلى اعتماد القرار القادم على التغير في البيانات الاقتصادية.

لكن البيانات الاقتصادية التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي خلال هذه الفترة لم تأتي لصالح قرار تثبيت الفائدة، فبيانات النمو أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي متماسك بأفضل من التوقعات وفقاً للتقييم الثاني للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول الذي سجل نمو بنسبة 1.3% بأفضل من التوقعات والتقييم الأول عند 1.1%.

أيضاً مؤشر التضخم الأساس لأسعار المستهلكين السنوي ارتفع بنسبة 4.9%، كما ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري الذي يعد مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي بنسبة 4.7% على المستوى السنوي بأعلى من القراءة السابقة 4.6%.

البيانات تظهر مرونة الاقتصاد الأمريكي في تقبل رفع أسعار الفائدة والتشديد النقدي من قبل البنك الفيدرالي حتى الآن وهو ما شجع الأسواق لتتوقع قدرة الاقتصاد على تحمل المزيد من قرارات رفع الفائدة والتشديد، خاصة مع استمرار تماسك معدلات التضخم بشكل كبير.

بعد أن كان التسعير في الأسواق لصالح تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع البنك في يونيو باحتمال يتخطى 90%، جاءت تصريحات أعضاء الفيدرالي لتشير إلى ضرورة استمرار التشديد النقدي ورفع الفائدة في اجتماع يونيو وحصلت التصريحات على التأكيد والقوة من البيانات الاقتصادية التي صدرت، ليتغير احتمالات الفائدة لتصبح حالياً أعلى من 70% لصالح رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع القادم.

الدولار الأمريكي يعوض خسائره في مايو

شهد شهر مايو أيضاً تعافي كبير وقوي للدولار الأمريكي، مقابل العملات الأخرى، فبعد تسجيله أدنى مستوى منذ عام في شهر ابريل ، استطاع أن يسجل ارتفاع بنسبة 2.6% في شهر مايو وفقاً لمؤشر الدولار، الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية ليصل إلى أعلى مستوى منذ 10 أسابيع عند 104.59.

الدعم الكبير الذي حصل عليه الدولار كان بشكل أساس من تغير توقعات الفائدة في الأسواق، لصالح المزيد من رفع الفائدة، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الإيجابية، التي زادت من الطلب على الدولار الأمريكي.

من جهة أخرى لعب الدولار الأمريكي دور الملاذ الآمن ، في الأسواق أثناء التخوفات الخاصة بأزمة سقف الدين الأمريكي ، ليعطيه أفضلية مقابل العملات والسلع الأخرى وعلى رأسها الذهب.


خلال الربع الأول من هذا العام أضافت البنوك المركزية 228 طنًا إلى احتياطاتها العالمية من الذهب، مسجلة وتيرة قياسية للأشهر الثلاثة الأولى، من العام منذ بدء جمع البيانات في عام 2000 وفقًا لمجلس الذهب العالمي.

مؤشرات السلع تسجل أسوأ أداء منذ نهاية عام 2021

شهدت مؤشرات السلع انخفاض حاد خلال شهر مايو الماضي في ظل الارتفاع الكبير في مستويات الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار السلع بسبب كونها يتم تسعيرها بالدولار.

مؤشر S&P GSCI للسلع والذي يتضمن الذهب في مكوناته سجل انخفاض خلال الشهر الماضي بنسبة 6.5% وسجل أدنى مستوياته منذ ديسمبر لعام 2021 كما يظهر في الرسم البياني التالي.

 

أسعار الذهب محلياً

شهدت أسعار الذهب المحلية ، تغيرات كبيرة، خلال شهر مايو الماضي، والذي يعد شهر إعادة التوازن إلى أسواق الذهب المحلية، حيث شهد عدد من المبادرات والأحداث الهامة، التي ساعدت على عودة الاستقرار بعض الشيء لأسواق الذهب.

انخفضت أسعار الذهب المحلي عيار 21 الأكثر شيوعاً خلال شهر مايو قرابة 11% ليفقد 285 جنيه، تقريبا من سعر جرام الذهب، لتتداول أسعار الذهب اليوم الخميس أولى أيام شهر يونيو عند 2330 جنيه للجرام ووصل سعر الجنيه الذهب إلى 18640 جنيه.

نهاية شهر ابريل، الماضي شهدت تسجيل أعلى مستوى تاريخي، في أسعار الذهب في مصر عند 2800 جنيه للجرام، وشهدت الأسواق طلبا حادا، وتسعيرا غير منطقي يتخطى بمراحل تسعير الذهب العالمي.

وعليه وبناءً على مطالبات عديدة بضرورة التدخل لاستقرار السوق، قامت الجهات المعنية بتطبيق مبادرات، تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتوازن، في أسواق الذهب المحلية، وكان أهم هذه المبادرات السماح بواردات الذهب من الخارج، بدون رسوم جمركية، باستثناء ضريبة القيمة المضافة على المصنعية، لمدة ستة أشهر.

كان الهدف من هذه المبادرة السماح بدخول كميات من الذهب إلى الأسواق، المحلية لمواجهة الطلب المرتفع على شراء السبائك ، والعملات الذهبية، وتحقيق توازن بين العرض والطلب، هذا بالإضافة إلى مبادرة خفض أسعار المصنعية على المشغولات الذهبية، من اجل العمل على تراجع الطلب على السبائك لصالح المشغولات الذهبية ،التي عانت من ركود حاد خلال الفترة الماضية.

ساهمت هذه المبادرات في تراجع أسعار الذهب، خلال شهر مايو وفي يوم 18 من الشهر سجل الذهب قاع سعري عند 2200 جنيه للجرام ليفقد 600 جنيه من قيمته مقارنة مع أعلى سعر تاريخي وينخفض بنسبة 7% خلال 3 أسابيع.

هذا التراجع في أسعار الذهب يدل على نجاح هذه المبادرات وتراجع الطلب المحلي على الذهب مع تراجع السيولة النقدية المتاحة لدى المواطنين، الناتجة عن استحقاق شهادة الـ 18%.

في الوقت نفسه تم الإعلان بشكل رسمي عن إطلاق أول صندوق استثماري للذهب متوافق مع الشريعة الإسلامية، ويتيح الصندوق شراء وثائق صادرة من خلاله بقيمة الوثيقة الواحدة 10 جنيهات والحد الأدنى للشراء 10 وثائق بإجمالي 100 جنيه وبدون حد أقصى للشراء.

وبذلك يمكن لأي شخص التداول والاستثمار في الذهب بأقل مبلغ ممكن، وفي حالة الرغبة في الاحتفاظ بالذهب وتسلمه بشكل فعلي سيكون الحد الأدنى للشراء 50 جرام ذهب (ما يساويهم من الوثائق).

صندوق استثمار الذهب يفتح الباب أمام العديد من الشرائح للاستثمار في أسواق الذهب كون الحد الأدنى للاستثمار منخفض، كما يساهم في تحقيق الاستقرار في أسواق الذهب حيث نستطيع معرفة تسعير جرامات الذهب في الصندوق والذي سيكون سعر استرشادي قد يحد من التسعير المبالغ فيه في الأسواق.

ولكن بشكل عام لن يستطيع صندوق استثمار الذهب أن يغير من العوامل الداعمة للذهب كون استثمارات الصندوق مدعومة بالذهب الفعلي، وبالتالي لن يحدث تراجع ملموس، في الطلب الحقيقي على المعدن النفيس.


ولكن بشكل عام حققت هذه الخطوات هدفها وعاد تسعير الذهب المحلي إلى التوافق بشكل كبير مع التسعير العالمي، وعاد الهدوء بشكل تدريجي إلى أسواق الذهب المحلية كما نرى منذ الأسبوع الماضي.


توقعات أسعار الذهب المحلية

في حالة استقرار الأوضاع في الأسواق المصرية دون تغير قد نشهد استمرار التراجع الحذر في أسواق الذهب المحلية خلال الفترة القادمة، خاصة مع توقع بزيادة المعروض من الخام في الأسواق، في ظل تزايد واردات الذهب من الخارج، مع تزايد أعداد نزول العاملين في الخارج لقضاء فترة العطلات الصيفية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى