تطوير التعليم .. بين الإرادة والإدارة
بقلم: د. أماني محمد عوض
أستاذ تكنولوجيا التعليم، عميد كلية التربية، جامعة دمياط
تبذل الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى جهودا عظيمة لـ تطوير التعليم قبل الجامعى والتعليم الجامعى وأثمّن جهود الوزير الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالي الذى لا يدخر وسعا في تطوير التعليم العالي، والجميع يلمس دوره المميز، ونذكر لقاءه الأبوي بالأمس القريب مع عدد من الطلاب في حوار فريد شيق عن الاستعداد للالتحاق بالجامعة.
وبرؤية تربوية في التربية عامة وفي تكنولوجيا التعليم علي وجه التحديد، فإنني سأتناول التربية والتعليم بين التحديات والطموحات. إنطلاقا من أن التعليم قضية أمن قومي، فإن صلح التعليم صلح المجتمع بكل قطاعاته ومجالاته لأن المدرسة هى مصنع المواطنة وأساسها السليم في التنشئة الاجتماعية التى تضمن التربية ثم التعليم.
فإن المتتبع لما وصل إليه حال التعليم سيحلل الموقف الراهن الذى يتمثل في الآتي:
– منذ عام ١٩٩٩ تم وقف تكليف كليات التربية لخريجيها، وبالتالي منذ ٢٥ عاما لم يتم تكليف معلمين. بمعادلة أخرى، باعتبار آخر دفعة تم تكليفها عام ١٩٩٩، أصبحت أعمارهم الآن ما بين ٤٨ و٥٠ عاما. وخلال هذه الفترة، تم التعيين بالمسابقات بما لا يغطى عدد المدارس وبالتالي زاد العبء على المتاح من المعلمين في أثناء الخدمة في محاولة رفع الدخل للأسرة، فانتشرت الدروس الخصوصية وخلت المدارس من الطلاب رغبة من المعلمين توفير طاقاتهم للدروس الخصوصية وعدم ثقة من أولياء الأمور في الدور الحيوى للمدرسة الذى استبدلت به الدروس الخصوصية.
العامل الثاني في تحليل الوضع الراهن للتعليم في الفترة السابقة إلى وزارة د. طارق شوقي كانت رؤيته التوجه إلى توفير أجهزة التابلت لبدء تفعيل منظومة التعليم الإلكترونى بالتعليم قبل الجامعى ولكن انحصر تطبيقه على التابلت في مرحلة التقييم للاختبارات خاصة الثانوية العامة بعد أحداث شاومنج وتسريب الاختبارات دون دراسة الموقف الراهن في المدارس من بنية تحتية وإمكانات مادية.
ورغم حداثة الفكرة وأهميتها فإن توقيت تطبيقها تسبب في رفض مجتمعى للتقويم الإلكترونى وتكوين اتجاه سلبي للتقنيات والتعليم الإلكترونى الذى لو تم تطبيقه بنظام لكان من الممكن أن يكون فعالا وتم التوجه إلى الأسئلة الموضوعية التى لها من الإيجابيات التى تتمثل في موضوعية التقييم بعيدا عن ذاتية المصحح ولكنها أنتجت جيلا افتقد مهارات الكتابة وافتقر إلى مهارات التواصل والمهارات اللغوية
وكان لزاما على التعليم الجامعى أن يكمل مسيرة التابلت واستقبال دفعات اعتمدت عليه في عملية التقييم، ما دفع بالكليات إلى عقد اختبارات موضوعية والاتجاه نحو التصحيح الإلكترونى والاختبارات الإلكترونية، ما أدى إلى تفاقم مشكلة إفلاس خريجى الجامعات إلى مهارات الكتابة الرصينة وعدم قدرتهم على إيصال الأفكار إلا من رحم ربي منهم فضلا عن التوجه إلى الكتاب التفاعلي في التعليم الجامعى الذى حل محل الكتاب المطبوع دون الأخذ في الاعتبار تعدد أنماط التعلم لدى الطلاب ما بين بصري وسمعى وحركي ومشكلة عدم توافر البنية التحتية من أجهزة كمبيوتر وشبكة إنترنت
ما أدى إلى زيادة تكلفة لطلاب الجامعة في الحصول على الكتاب الجامعى وتحمل طباعته مرة أخرى والمستفيد من الممارسة هم أصحاب المكتبات التى تقوم بطباعة الكتب بناء على رغبة الطلاب لعدم تمكنهم من التعامل مع الكتاب الرقمى.
وأؤكد، كأستاذ تكنولوجيا التعليم، أنه لا غنى عن المعلم مهما تطورت التقنيات تظل التكنولوجيا أداة تيسر التعلم وتدعمه تلك هى تحليلات للموقف الراهن للتعليم.
أما عن رؤي التطوير فتلك قناعات لأستاذ جامعى بكلية التربية تخصصها تكنولوجيا التعليم تكمن فيما يلي:
-لا بد من توفير درجات مالية للعشرة الأوائل من كل شعبة بكليات التربية بعد استبعاد من يتم تعيينهم معيدين بالكليات على أن يتم تعيينهم سنويا بالمدارس توظيف تكنولوجيا التعليم في تقديم المحتوى الرقمى، خاصة أنه متاح بالفعل على بنك المعرفة المصري وهناك جهود محمودة من دار نهضة مصر في إنتاج المحتوى الرقمي وتوظيف استراتيجيات التعليم الإلكتروني (المناقشات الإلكترونية واستراتيجية حل المشكلات والمشروعات الإلكترونية).
-التعامل مع قواعد البيانات لتنمية مهارات البحث العلمي من خلال ما توفره الدولة المصرية من جهود ومن بنك المعرفة الثري بقواعد البيانات العديدة تنوع الاختبارات ما بين موضوعية ومقالية حتى نضمن طالبا قادرا على ترتيب الأفكار وتنظيمها ولديه قدرة على الطلاقة اللغوية.
-ضرورة تفعيل الإدارات التعليمية بالمتابعة للموجهين بالتربية والتعليم لمتابعة تطبيق استراتيجيات التعليم الإلكترونى تخصيص درجات للأعمال الفصلية، على ألا يقوم بها معلم الفصل منعا لتوجيه الطلاب للدروس الخصوصية بل يتم من خلال تشكيل لجان للتقييم يشرف عليها التربية والتعليم في الإدارات التعليمية لتعيد للمدارس هيبتها ومكانتها وتكون المدارس جاذبة.
-على التعليم الجامعى تعدد مصادر المعرفة ما بين كتاب مطبوع ومصادر إلكترونية إثرائية، على أن يتم تطبيق التعليم الإلكتروني في أنشطة تعليمية مصممة ومتممة ومكملة لمصادر المعلومات مع تنوع الاختبارات التحصيلية بين مقالية وموضوعية الاهتمام بمقررات التوعية القومية وحصص المجالات في التدبير المنزلي وتدريب الطالبات على التريكو وأعمال التطريز وتدريب الطلاب على الزراعة للنباتات لينمى لديهم ريادة الأعمال وفكرة التكيف لاحقا مع سوق العمل والاهتمام بالرياضة، وإضافة درجات مادة التربية الدينية للمجموع لتكوين طالب مكتمل التكوين العقلي والبدني والنفسي والدينى والاجتماعي.
-تطوير التعليم لن يتم إلا من خلال تطوير منظومى قائم على دراسة فعلية للمدخلات بالنظام التعليمى ثم ممارسات وعمليات رصينة لضمان جودة المخرجات لن يتم تطوير التعليم إلا برؤية شاملة تتم بالتوازى معا في وقت واحد لكل مفردات النظام التعليمى لتضمن توافر معلمين بعدد مناسب وتدريبهم بشكل دورى من خلال التنسيق مع كليات التربية بالجامعات المصرية والأكاديمية المهنية للمعلمين ثم توافر المحتوى بشكل مطبوع وآخر رقمى ثم توظيف استراتيجيات تمكن الطالب من البحث والتحليل والاستنتاج والتفسير والمناقشة ثم توافر بنية تحتية مناسبة يليها عودة الأعمال الفصلية للمواد الدراسية.
عندئذ سيجد أولياء الأمور أن المدرسة هى البيئة الآمنة تعليميا وتربويا وترجع للمدارس هيبتها وللمعلم مكانته وللاسرة دورها التكاملي ونضمن توافر طاقات بشرية لديها مهارات لسوق العمل وقادرة علي نهضة الأمم وتطويرها.