تجربتى القاسية .. و مصر التى أعرفها
بقلم : دينا محمود مناع
منذ فترة وانا أمر بوعكة صحية شديدة وقاسية
مثلي كمثل كثير من المواطنين ليس لدي تأمين صحي لذا استدعى الامر ان اتنقل بين المستشفيات الحكومية تارة والخاصة تارة أخري
وفي تلك الفترة رأيت وعايشت مشكلة تبدو للوهلة الأولى عادية للبعض ولكنها أثرت عليّ من جهات مختلفة
فلقد لجأت إلي عمل أشعة مقطعية في إحدي المستشفيات الحكومية التابعة لإحدى الجامعات وهناك لن أنكر ماعانيته من فترة طويلة في الانتظار حتى جاء دوري وأنا منتظره تحت حرارة الشمس الملتهبة والزحام الخانق ولكن الحمد لله عندما جاء دوري لاقيت ترحيبا وبشاشة من طاقم العمل برغم الضغط الرهيب والزحام وهو ما جعلني أتساءل عن سؤال هل لا زالت مقولة ملائكة الرحمة تطلق فقط علي الممرضين أم كل الطاقم الفني والطبي ؟! لا أعلم ولكنني في الحقيقة لو كنت في نفس الموقف علي الأقل كانت ستختفي تلك النظرة البشوش التي لاقيتها علي وجوه العاملين والحمد لله الذي أعطاهم نعمه البشاشة والقبول والصبر على المرضي ؛ كل ما جال بخاطري انني لن أكرر هذه التجربة بسبب الزحام الشديد و وقت الانتظار الذي طال لأكثر من ٦ ساعات تحت لهيب الشمس.
مرت عدة أسابيع واحتجت إلي كشف آخر بفحص أشعة أخري في تلك المرة قلت في نفسي لن أذهب الي تلك المشفي فوقت الانتظار الطويل لن أستطع عليه قدرا ، فتوجهت الى مركز أشعة مرموق وقلت في قرارة نفسي أكيد مش هنتظر كتير وسجلت البيانات بالفعل ووجدت ان إشتراكي في إحدي النوادي يوفر لي خصمًا ففرحت ولكن في تلك الاثناء وحينما كنت انتظر دوري في هذا المركز المرموق تذكرت ان هناك مركزا في مصر الجديدة تابع للكنيسة فقلت ولم لا أسأل وبالفعل أجريت المكالمة الهاتفية فقط سألت عن الأشعة المطلوبة فجائني الرد انها متوفرة وأيضا بدون حجز موعد ولا قائمة إنتظار طويلة ؛ دخلت إلي إستقبال المركز المرموق ولكنني وجدت أمامي فترة إنتظار ساعة هنا قلت في قرارة قلبي أن كد الدلائل تشير الي توجهي لذلك المركز التابع للكنيسة وبالفعل تحركت ولم تمر عشر دقائق إلا وقد وصلت اليه لن أذكر أو أجامل حينما أقول أن الاستقبال والبشاشه التي وجدتها علي عاملين الاستقبال وطلبهم لي بالراحة لان الموظفة وجدتني أصارع أنفاسي ف ابتسمت وقلت لها انني أعاني من مرض أصاب رئتي هنا وقفت وطلبت منني الاسترخاء وسألتني في إذا ما كنت أحتاج الي مساعدة منها فشكرتها وانتظرت دوري الذي لم يتعد العشر دقائق فقط لتنهي ملئ الاستمارة والبيانات الخاصة بي ، طمئنتني عندما وجدتني أعاني من فوبيا الأماكن المغلقة وحرصت على تركي مسترخية وأكملت كشفي وعندما هممت بالانصراف تساءلت عن ماهية هذا المركز الذي ينافس في جودته ونظافته وحداثة الأجهزة المراكز الكبرى في حين أن هناك فجوة كبيرة بين الأسعار فالفرق تقريبا يصل الى حوالي ثلاثة أضعاف ما عليه نفس الأشعة التشخيصية في المراكز الخاصة أكملت طريقي الى الخارج وجدتها أمامي عرفتها بنفسي كصحفيه في أخبار الساعة رحبت كثيرًا وسألتني كيف تستطيع مساعدتي فرددت قائلة أريد ان أقابل مديرة المركز فدلتني الي الطريق ودخلت حجرة مكتب صغيرة ليست مبهرجة وقابلتها قابلت إبتسامة كأنني أري طفلة ذات سبع سنوات تملؤها البراءة دكتورة نشوي أديب (إستشاري الاشعة التشخيصية ورئيس وحدة الأشعة بمركز مار مرقس الطبي) رحبت بي وجلست أحاكيها سألتها عن المركز من أين يتلقي الدعم ليكون بتلك الصورة الرائعة والتكلفة الرمزية فأجابت بأن المركز يتلقي الدعم من الكنيسة وكذلك من تبرعات مادية للأشخاص ، وان هذا الدعم تتلقاه كل المراكز التابعة لدور العبادة سواء كانت المساجد أو الكنائس وأن الفروق بين الأماكن تختلف باختلاف الظروف والدعم المادي الذي يتلقاه أي مركز علي مستوى الجمهورية وأضافت أن دور العبادة هي أكثر الأماكن شعورا بالمشاكل المادية التي يواجهها المجتمع ومن واجبهم أن يعاونوا المواطن العادي علي تحمل تلك الأعباء ومن هنا تواجدت المراكز الصحية التابعة لدور العبادة ؛ وأن توافر الفرص الحقيقية هي ما جعلت من المركز علي الحالة الرائعة الموجود عليها ؛ وعن سر تلك الابتسامة الرائعة وجدتها تقول أنها تدين لوحده الاشعة بمستشفى مدينة السلام العام وفريق العمل معها علي تلك الابتسامة والروح المعنوية العالية والطيبة والأخوة فقالت أن جميع فريق العمل معها في المستشفى الحكومي يتمتعون بتلك اللطافة والابتسامة الرائعة وخصت بالذكر كلا من ( دكتورة علا حلمي يعقوب ودكتورة أماني عبد الفتاح ودكتورة إيريني سامي ودكتورة هايدي فؤاد )
هذه سياستنا التي لطالما كانت هدفنا وهو أن المريض فوق كل شيء وأنه يجب علينا جميعا أن نتعاون لراحة المريض ولا نفرق أبدا في المعاملة
اكدت في النهاية علي توافر الدعم في المركز لغير القادرين مهما أختلفت الظروف والديانة وهو ما اثار اعجابي وفخري فتلك هي مصر التي أعرفها ، لا فرق بين مسلم ومسيحي في تلقي العلاج أو أي شيء
وانتقلت الى ماريان ناجي (موظفة استقبال بمركز مار مرقس) توضح علي تكاتف العاملين من أصغر عامل إلي المدير وتؤكد علي أن روح العمل هي ما يتميز به أي بيئة عمل وهي من تفرض سيطرتها علي التعامل مع الجمهور
أنا رامي توفيق (عامل الاستقبال) فقال أن أهم ما يميز المركز هو الشعور بالاخر
هاني نبيل موظف إستقبال اخر
فيؤكد علي أن حب العمل هو ما يجعله يواجه أي مواقف قد تقابله وأن حسن الاستقبال هو ما يجعلهم مميزين عن غيرهم وأن من خلال خبرته الطويلة في مجال عمله التي تعدت السبع سنوات في نفس المركز يقول انه قابل شخصيات كثيرة ومتنوعة منهم من كان يتعامل بودية ومنهم من كان يتعامل بطريقة مختلفة ويقول ان ذلك يرجع لتوتر المرضي أو حتي ذويهم ويؤكد انه يجب عليهم أن يقابلوا كل هذا بابتسامة وصدر رحب وعقلانية وتقبل للاخر مهما اختلف معهم
هنا شكرتهم على هذه المعلومات والجلسة اللطيفة التي ءامل أن أكررها ولكن ليس بداعي وعكتي الصحية ولكن بداعي التعلم منهم ؛ ففي خلال هذه الفترة التي تحدثت اليهم فيها وجدت روح بلدي العزيزة وروح أهلها الطيبين وذكرتني بأجواء جميلة كانت قد اختفت من أمامي ولم أعد أري سوي العصبيه في التعامل فيما بيننا، وجدتني في مصر التي نعرفها ونودها أن تكون هكذا ودائمًا بلد المودة والابتسامة البشوش