المنزلاوي: شراكة استراتيجية بين مصر وسنغافورة ..والطاقة المتجددة واللوجستيات والسياحة ركائز تعاون واعد بين البلدين
في ظل الزخم المتنامي للعلاقات الاقتصادية بين مصر وسنغافورة، شهدت القاهرة خلال الأيام الماضية فعاليات اقتصادية مكثفة أبرزها انعقاد مائدة مستديرة موسعة نظّمتها جمعية رجال الأعمال المصريين بالتعاون مع اتحاد الأعمال السنغافوري، أعقبها منتدى الأعمال المصري–السنغافوري الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بحضور رئيس جمهورية سنغافورة ثارمان شانموجاراتنام ، في أول زيارة رئاسية منذ عام 2016. وجاءت هذه الفعاليات لتعكس عمق الروابط التاريخية بين البلدين، ورغبة الجانبين في الانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية.
شارك في المائدة المستديرة وفد اقتصادي سنغافوري رفيع المستوى ضم 27 ممثلاً عن 20 شركة كبرى تعمل في مجالات الطاقة والبنية التحتية واللوجستيات والصناعات الغذائية والتكنولوجيا المالية، إلى جانب ممثلين عن قطاعي الخدمات والتجزئة.
ورحب المهندس مجد الدين المنزلاوي، الأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين، بالوفد الزائر، مؤكداً أن اللقاءات لم تكن بروتوكولية بل أسست لنقاشات جادة تستهدف إقامة مشروعات فعلية على أرض الواقع
من جانبه، أوضح تيو سيونج سينج، رئيس اتحاد الأعمال السنغافوري، أن مصر تشهد تحولاً تاريخياً جعلها من أسرع اقتصادات إفريقيا نمواً، مشيراً إلى أن حجم التجارة بين البلدين بلغ نحو 360 مليون دولار في 2024، فيما تجاوزت الاستثمارات السنغافورية 700 مليون دولار. كما استعرض نماذج ناجحة لشركات سنغافورية تعمل بالفعل في مصر مثل “PSA International” و“PIL” و“Olam Group”.
واستعرض الدكتور مهند طه خالد، أمين صندوق الجمعية، مناخ الاستثمار المصري الذي يتيح ملكية أجنبية كاملة بنسبة 100%، مع منظومة ضريبية رقمية حديثة وتوقيع 60 اتفاقية منع ازدواج ضريبي، وهو ما يعزز من ثقة المستثمرين .
فيما أكد النائب الدكتور شريف الجبلي أن التعاون المصري–السنغافوري يمتد طبيعياً إلى القارة الإفريقية التي تمثل سوقاً ضخماً وواعداً في مجالات التعدين والتكنولوجيا والبنية التحتية.
وفي كلمته خلال المنتدى الرسمي، شدد المنزلاوي على أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وسنغافورة نموذج مُلهم للتعاون المستدام منذ عام 2005، موضحاً أن زيارة الرئيس السنغافوري للقاهرة تمثل محطة فارقة في مسيرة العلاقات الثنائية وفرصة لمعاينة حجم الإنجازات التنموية التي تحققت.
وأكد أن مصر تنظر إلى سنغافورة كشريك تجاري واستثماري ومصدر خبرات يمكن الاستفادة منها، خاصة في قطاع الخدمات، مشيراً إلى تنظيم زيارات ميدانية للوفد إلى العاصمة الإدارية الجديدة لاستكشاف الفرص الاستثمارية.
وتنوعت محاور النقاش خلال الفعاليات، حيث استعرض المهندس أيمن قره، عضو مجلس إدارة الجمعية، النجاحات المصرية في مجال الطاقة المتجددة ورفع نسبتها إلى 22% حالياً مع استهداف الوصول إلى 42% بحلول 2030، إلى جانب إطلاق الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر، كما أكد النائب عادل اللمعي أن مصر استثمرت أكثر من تريليوني جنيه منذ 2015 في تطوير الموانئ والطرق، مما عزز من مكانتها كمركز لوجستي عالمي يخدم أكثر من 1.5 مليار مستهلك.
وفي قطاع السياحة، أشار فاروق ناصر إلى أن التعاون مع سنغافورة يفتح مجالات واعدة في الاستثمار السياحي والتسويق الرقمي المشترك، بينما أوضح المهندس باسل شعيرة أن تجربة المطور الصناعي الخاص ساهمت في تجهيز 10 ملايين متر مربع من المناطق الصناعية الجاهزة وفق معايير عالمية.
أما السفير دومنيك جوه، سفير سنغافورة بالقاهرة، فقد أكد أن وجود الوفد السنغافوري في مصر رسالة ثقة في استقرارها الاقتصادي وأمنها، فيما شدد السفير أحمد مصطفى، سفير مصر في سنغافورة، على ضرورة تكثيف التواصل المباشر لتعميق التعاون مستقبلاً.
وبذلك، عكست الفعاليات الأخيرة أن القيمة الحقيقية للعلاقات المصرية–السنغافورية لا تُقاس فقط بحجم التجارة والاستثمارات، بل أيضاً بعمق الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة لبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد تتجاوز حدود البلدين إلى آفاق أوسع في القارة الإفريقية وآسيا.