مقالات

المملكة الكبيرة لإسرائيل بين الحقيقة والخيال

akhbarelsaa.com wkVp1Tg4

ترجمة- يسرا محمد مسعود


في خلال سنوات طويلة وحتى اليوم تظهر جماعات مصالح بانتظام تقوم بمشروعات وطموحات توسعية من جانب الكيان الإسرائيلى . تعتبر هذه الجماعات «كرؤى أو كيانات أيديولوجية» كل خطاب حول النوايا الخبيثة لإسرائيل وخططها التوسعية لبناء «إسرائيل العظمى» من الفرات إلى النيل، وليس فقط الاستيلاء على كل فلسطين. وهم يؤكدون بأن أي خطاب من هذا القبيل، يحذر من مثل هذه الطموحات، ليس سوى «خطاب أيديولوجي» “ولغة خشبية” قديمة. وتعتقد هذه الأصوات نفسها أن الواقعية السياسية يجب أن تفرض الإيمان بالسلام مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وأن تعزز ما يسمى بـ«ثقافة السلام» المفروضة في الخطاب الرسمى في العديد من الدول العربية وخاصة الذين سلكوا طريق السلام مع هذا الكيان .

واليوم، تتكشف الحقائق التوسعية لكيان الاحتلال، المدعومة من جانب الولايات المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالسيطرة الكاملة على الأراضى الفلسطينية. ويؤكد ذلك الصراع الحالي حول «قطاع غزة». وهذا الواقع، فضلا عن الأحداث التي وقعت في الضفة الغربية، حيث قررت إسرائيل ضمها وتشريد السكان قسرا، وفرضت اسمها «يهودا والسامرة»، يشهدان على ضخامة الطموحات الإسرائيلية. لكن الأمر الأكثر خطورة هو رفض إسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان والعمل على فرض «حزام أمان» في منطقة حددتها إسرائيل في جنوب لبنان.

إن الأمل لاستبعاد حزب الله في لبنان لا يتوقف عند المشاركة مع الولايات المتحدة لنزع سلاح المقاومة ، ولكن يمتد أيضاً لاستبعاد حزب الله سياسيًا وانسحابه من المعادلة السياسية اللبنانية . والبعض يتحدث كذلك لاستبعاد بيئة المقاومة وهذا يعنى المجتمع الشيعى في لبنان، وإقصاؤه خارج لبنان حتى تكون الدولة قاعدة مؤثرة إسرائيلية-أمريكية. وما هو جديد هى الدعوة لتقسيم سوريا ، واحتلال مناطق شاسعة في الجنوب من أراضيها وإقامة العديد من القواعد العسكرية الإسرائيلية في المناطق التى كانت محتلة في الأسابيع التى أعقبت إنقلاب النظام السورى .

إن الدعوة لتقسيم سوريا تتضح من خلال مستويين. مستوى الدعوة لعقد مؤتمر دولي لتقسيم سوريا إلى دول عرقية وطائفية، على أساس أن مثل هذا الانقسام سيحمي الأمن الإسرائيلي. وعلى المستوى الحقيقي، من خلال العمل من أجل الوصاية الإسرائيلية على الطائفة الدرزية، مع تهديد السلطات الجديدة في دمشق ضد أي هجوم على مصالح هذه الطائفة. وبعد ساعات قليلة من اعتماد جامعة الدول العربية الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة ورفض أي تشريد للسكان الفلسطينيين، أعلنت إسرائيل والولايات المتحدة بسرعة رفضهما للقرار العربي في هذا الصدد.

وما تريده إسرائيل حقا هو إفراغ قطاع غزة بالكامل والاستعداد للضم والإلحاق ، بالاقتران مع الجهود المماثلة الجارية حاليا في الضفة الغربية، كخطوة أساسية لجعل الوطن الفلسطيني بأكمله ملكا خالصا لليهود، وفقا لما هو منصوص عليه في «قانون الدولة – الأمة» الساري حالياً.

إن الخطوة التالية هي تأمين حدود إسرائيل مع لبنان وسوريا، وهذا يعني العمل على وضع مصر على جدول أعمال المتطلبات الأمنية الإسرائيلية، والتى تدعو إلى إفراغ سيناء من أي وجود عسكري مصري، وهذا ينتهك أحكام اتفاقات كامب ديفيد. وبينما تحذر إسرائيل من مخاطر الأسلحة المصرية والوجود العسكري المصري القوي في سيناء، فإنها تعمل على إنشاء ما تسميه «حزام الأمان» في جنوب لبنان وتأمين الجبهة الإسرائيلية مع سوريا. وتدعو إلى تقسيم سوريا وإقامة دولة درزية في الجنوب ودولة كردية في الشمال، بينما تقف حامية لما يسميه «الأقليات العرقية والطائفية في سوريا».

لم تعد مملكة إسرائيل الكبرى مجرد «خطاب مؤامرة»، ولكنها أيضًا حقيقة مؤكدة يومًا بعد يوم. إذن، ماذا سيكون الرد العربي، قبل أن يتحول «الخيال» إلى واقع مرير؟

 

 


مقال مترجم عن الفرنسية للدكتور محمد السعيد إدريس بجريدة الأهرام إبدو – الأربعاء 19 مارس 2025

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى