العبقرى الذي هدم أسطورة «الساتر الذي لا يُقهر».. القصة الكاملة للواء باقي زكي يوسف صاحب فكرة النصر في أكتوبر المجيد”
في سجل البطولات المصرية، يسطع اسم اللواء باقي زكي يوسف كأحد أعظم العقول التي غيّرت مجرى التاريخ في حرب أكتوبر 1973. لم يكن مجرد ضابط في سلاح المهندسين يقف خلف الخطوط، بل كان صاحب الفكرة العبقرية التي فتحت بوابة العبور للنصر.
فكرة ولدت من أعماق السد العالي
وُلد باقي زكي يوسف عام 1931، وتخرّج في الكلية الحربية قسم الهندسة العسكرية، ليبدأ مشواره في سلاح المهندسين.
خلال عمله في مشروع السد العالي بأسوان، راقب عن قرب كيف تُجرف الصخور الضخمة وتتحرك الأتربة بواسطة مضخات المياه العملاقة. لم يكن يدري حينها أن هذه التجربة ستتحول لاحقًا إلى مفتاح لنصر أكتوبر.
الساتر الترابي.. التحدي الذي ظنه العدو مستحيلًا
عندما بدأت مصر إعداد خطة العبور لتحرير سيناء، واجهت القوات المصرية عقبة خط بارليف، الساتر الترابي الهائل الذي روّجت إسرائيل له على أنه “لا يُقهر”.
وسط العقول والخطط، خرج صوت الشاب المهندس الجريء يقترح فكرة بدت مجنونة وقتها.
لماذا لا نستخدم مضخات المياه لتجريف الساتر بدلًا من المتفجرات؟
رغم جرأة الاقتراح، وافقت القيادة على التجربة. وفي السادس من أكتوبر 1973، تحولت الفكرة إلى واقع مذهل؛ فانهار الساتر خلال ساعات، وسقطت أسطورة “الحصن المنيع” تحت قوة الماء المصري لا المتفجرات.
مفتاح النصر.. وخلود الاسم
بفضل تلك الفكرة، تمكنت قوات المشاة المصرية من فتح الممرات لعبور الدبابات والمعدات الثقيلة إلى شرق القناة.
تحولت عبقرية اللواء باقي إلى رمز للنصر، ودوّن اسمه في صفحات المجد بحروف من ذهب.
تكريم بعد صمت طويل
رغم أنه ابتعد عن الأضواء سنوات طويلة، إلا أن التاريخ لم ينسه. كرّمه الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1995، ومنحه وسام الجمهورية تقديرًا لإسهامه الفريد في معركة العبور.
إنسان قبل أن يكون بطلاً
بعيدًا عن العسكرية، عُرف باقي زكي يوسف بتواضعه وإنسانيته واعتزازه العميق بوطنه. كان يؤمن أن ما فعله لم يكن بطولة فردية، بل جزء من ملحمة جماعية قدّم فيها كل مصري روحه من أجل الوطن.
رحل في يونيو 2018، لكنه ترك وراءه درسًا خالدًا في العبقرية والوطنية الخالصة.