السوشيال ميديا سلاح ذو حدين .. بين الإيجابيات والسلبيات
تحقيق- د. أشرف السيد – راجية محمد
أضحت السوشيال ميديا من أهم وسائل التواصل الاجتماعى التى لا يمكن الاستغناء عنها، نظرا لأنها قلصت الفجوة بين الناس وأصبح العالم قرية صغيرة وقد أصبح متلقي الخبر يراه فى لحظات بمجرد حدوثه، ولم يعد فى حاجة للانتظار. وعن وسائل التواصل الاجتماعى وعلاقتها بالإنسان كان هذا التحقيق مع المتخصصين فى علم الاجتماع والطب النفسى.
ما مدى التأثيرات الضارة الناجمة عن استخدام الأسرة المصرية لوسائل التواصل الاجتماعى:
د. فتحى قناوى
يقول الدكتور فتحى قناوى الأستاذ بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، تركت السوشيال ميديا تأثيرًا سيئًا على الأسر المصرية، وفرضت العُزلة على الكيان الأسرى بأكمله، وأصبح كل فرد يعيش بمفرده فى عالمه الخاص مما أدى إلى التفكك وعدم اهتمام كل فرد بالآخر وأصبحت العلاقات مشوشة وغير صحية واختفت المشاركة الوجدانية والدفء الأسرى.
فاستخدام مواقع التواصل الاجتماعى من قِبل أفراد الأسرة بشكل مفرط يتعارض مع النشاطات اليومية والواجبات المنوطة بهم، والتى ينتج عنها عرقلة مسيرة حياتهم اليومية، فعند استخدام الآباء على سبيل المثال لا الحصر لمواقع التواصل الاجتماعى، يُشعر أطفالهم بعدم الاهتمام بهم، وقلة دعمهم لهم وانشغالهم عنهم، كما يمثل الـ«فيسبوك» أقصر الطرق إلى ازدياد حالات الطلاق والانفصال بين الزوجين، لأن هذه الوسائل والتطبيقات تحمل نذر الخلافات لمن يسمح لها بالاستحواذ على حياته، من جهة كونها تشغل الشخص عن شريك حياته، لا سيما وأنها قد تصل إلى حالة الإدمان التى يقضى فيها وقتًا طويلاً ينبغى أن يقضيه مع زوجته، وللأسف فإن الأسرة بأكملها وحتى الزوجة يجدون فى تلك الوسائل مهربًا لإضاعة الوقت مع الطرف الآخر بسبب وجود بعض المشكلات فى التحاور وتبادل الرأى، مما يوسع الهوة بينهما بدلاً من السعى للتقارب وإزالة أسباب الخلاف. مشيرًا إلى أن الإفراط فى استخدامها يؤدى إلى الشعور بعدم الاكتفاء الزوجى، الأمر الذى قد يزيد وتيرة المشاكل ويرفع من احتمالات الطلاق.
وأضاف الدكتور فتحى بأن مواقع التواصل ساهمت فى ظهور سلوكيات ومصطلحات قد تبدو غريبة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأصبح من السهل على الرجال والنساء التحدث بها بلا حواجز أو وسائط. فانشغال الآباء والأمهات بوسائل التواصل جعلهم يقصرون فى واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه، وفى المقابل انشغل الأبناء والبنات بوسائل التواصل وقصروا مع والديهم فى البر والطاعة. كما أن الانشغال بالهواتف الذكية (أجهزة المحمول) والتطبيقات نوع من العقوق والتكاسل عن صلة الأرحام، وبالتالي فقد أصبح بعض كبار السن يشعرون بالعُزلة عن أقاربهم لانشغالهم بهذه الأجهزة حتى أثناء زيارتهم للأقارب بدلاً من الحديث معهم.
زاد على ذلك كله أن عادة التزاور بين الناس التى تقلصت لصالح تبادل الرسائل على الواتس آب أو الماسنجر وخلافه سواء بالاتصال الهاتفى للتهنئة فى المناسبات أو حتى السلام، ولا شك أن توافر الأجهزة الذكية قد وسع دائرة العلاقات الشخصية، وصارت الارتباطات بين زملاء العمل والدراسة والأصدقاء أكثر إلحاحًا فى التواصل والرد. وذلك يرجع إلى عدم القدرة على ترتيب الأولويات بشكل صحيح، ومن ثمَّ تحديد الأفراد الذين لهم حق الزيارة، ومن يجب الاتصال بهم، لكن من ينظر إلى قائمة الهاتف ليلة العيد مثلاً يكتشف حجم المعاناة وصعوبة تحديد من يزور وبمن يتصل، وبالتالى صار هناك ضعف فى الشعور بضرورة القيام بمتطلبات العلاقات الاجتماعية على المستوى الشخصى الذى كان يتم وجهًا لوجه. وكانت التهنئة تستلزم فى الماضى زيارات ودية لا بديل عنها بين الأهل والأصدقاء لإظهار كل شخص فرحته وحبه للآخر، ثم تحولت إلى اتصالات أقل ودًا تخفي بسماتنا على الوجوه، ثم هيمنت رسائل الهاتف المحمول والبريد الإلكترونى التى تظهر معها رسومات مصطنعة لوجوه كارتونية، ثم رسائل تهنئة مجمعة لكل الأصدقاء تخلو من الاهتمام بشخص المرسل إليه. وحتى مرحلة المراهقة بما تتميز به من تغيرات نفسية كبيرة، قد تجعل المراهق مائلاً للانزواء عن والديه وأسرته، ويلجأ إلى العالم الافتراضى سواء كان ذا صلة بواقعه من أصدقاء حقيقيين أم لا.
د. عبد العظيم عرايس
وأكد الدكتور عبد العظيم عرايس أخصائى الطب النفسى وعلاج الإدمان بكليه طب قصر العينى بأن التقرير الصادر لمؤشر الفتوى العالمى التابع لدار الإفتاء المصرية وهيئات الإفتاء فى العالم، جاء فى إطار تحليله لنحو (1200) فتوى رسمية وغير رسمية متعلقة بالطلاق فى العالم العربى خلال عام 2022، أن تساؤلات المستفتين والإجابة عنها أظهرت أن أسباب الطلاق تمحورت حول عوامل ثلاثة:
- الأول: هو العامل الاقتصادى بنسبة (43%).
- الثاني: كان اجتماعيًّا وأُسريًّا، وجاء بنسبة (37%).
- العامل الثالث: جاء بنسبة (20%)، وكان خاصًّا بالوسائل التكنولوجية، وما يترتب عليها من إدمان الإنترنت من جانب أحد الزوجين أو كليهما، ما يؤدي للعزلة الأسرية وقد ينتهي الأمر بالطلاق.
ما المظاهر التى تترتب على الاستخدام السئ لمواقع التواصل الاجتماعى من الناحية الأسرية:
1- فقدان شعور أفراد الأسرة الواحدة بالأمان الأسرى الذي يُعتبر مهمّاً لأى فرد فيها.
2- إدمان التواصل الاجتماعى يؤدى لانشغال أفراد الأسرة كل بهاتفه، ما يتسبب فى عدم تواصل أفراد الأسرة بالطريقة الصحيحة، الأمر الذى يحدُّ من امتلاكهم لمهارات التواصل وتكوين العلاقات الشخصية، وينعكس سلبا على تلاحم أفراد الأسرة وتفاعلهم مع بعضهم.
3- مواقع التواصل الاجتماعى تساهم فى حدوث الخلافات والمشكلات العائلية والزوجية فى بعض الأحيان نتيجة لما يحدث من مُقارنات بين الحياة الأسرية لأحد أفراد الأسرة وما يراه عبر وسائل التواصل الاجتماعى، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى مشاعر الاستياء والإحباط.
4- تقليد الأطفال لذويهم فى استخدام تلك المواقع بشكل كبير، وهو ما قد يجعلهم عرضةً لخطر التعرّض للآثار السلبية لتلك المواقع مُستقبلاً.
5- احتمالية تعرّض المراهقين أو الأطفال إلى عمليات التنمّر الإلكترونى عبر تلك المواقع، وحدوث حالات القلق والاكتئاب عند الأطفال والمراهقين.
6- كما أن الانشغال الدائم بالهواتف والإنترنت، وما هو جديد عليه، يؤدى إلى انعكاسات نفسية واجتماعية والشعور بالعزلة، وضعف التواصل الاجتماعى.
من ناحية أخرى فإن تماسك الأسرة حال استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعى بشكل منضبط يترتب عليه:
1-جمع شمل الأسرة، حيث يُمكن استخدامها للتواصل مع أفراد الأسرة البعيدين عن بعضهم البعض مما يُقوى العلاقات الأسرية بينهم.
2- تشكيل مصدر لأفكار وأنشطة عائلية تُعزز التواصل بين أفراد الأسرة وتقوى علاقاتهم بعضهم بعضا.
3- مُشاركة اللحظات العائلية الجميلة والذكريات السعيدة، فضلاً عن إمكانية مُشاركة مواقع الأماكن التى تهم أفراد الأسرة جميعهم؛ كأماكن التنزه، أو المطاعم، أو غيرها.
4- مساعدة الأطفال على تعلّم أشياء جديدة، بالإضافة إلى تسهيل تبادل الأفكار بينهم وصقل مهاراتهم.
5- منح الأطفال حرية التعبير عن الرأى، حيث تُشجّعهم مواقع التواصل الاجتماعى على إبداء آرائهم فى بعض المواضيع.
6- مساعدة الأطفال على التواصل بين أفراد الأسرة الممتدة وأصدقائهم.
7- تطوير الخبرة التقنية لدى الأطفال وقدرتهم على فهم التكنولوجيا والتعامل معها.
ما هى المعايير التى يجب على الأسرة الالتزام بها تجاه الإقبال على مشاهدة أى محتوى على السوشيال ميديا؟
يجب استخدام السوشيال ميديا فى أوقات معينه وليس فى كل وقت ويجب تخصيص وقت للأطفال الصغار للاستخدام المفيد وليس الضار تجاه أى محتوى، ويجب أن يتعود الأطفال على الهدف من مشاهدته وأن يتعرف على المبادئ والقواعد الناجمة عن مشاهدة أى محتوى ونوع العقوبة إذا لم يلتزم بذلك ويجب على الدوله إغلاق منصات التيك توك واليوتيوب.
أهمية أن يراعى كلا الزوجين شريكه، ويحرص على نزع فتيل أى شك أو استياء بإعادة بث روح الثقة، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بتقليص حجم وأهمية هذه الوسائط فى حياتنا أولاً، ثم الالتزام بالضوابط الشرعية والحياء ثانيًا. وأن التوسع فى قبول الصداقات بين الرجال والنساء على «فيسبوك» يفاقم المشكلات بين الأزواج، لأن الرجل الغيور لا يرضى من زوجته هذه الطريقة فى التعاطى مع وسائل التواصل الاجتماعى بتحديد وقت مناسب لها فى اليوم، فضلا عن مشاركة الأبناء فى تحديد المحتويات التى تتم مشاهدتها حتى يتمكنوا من الاستفادة منها، والبعد قدر الإمكان عن سلبياته.
كيف نحد من تأثيرات السوشيال ميديا على الأسرة؟
يمكن الحد من ظاهرة إدمان السوشيال ميديا، فالاستخدام المفرط لها يخلق نوعًا من الإدمان الذى يُشبه إدمان الفرد للمخدرات أو الكحوليات، وذلك من خلال الإجراءات الآتية:
وضع حدود زمنية:
-حدد وقتا يمكنك قضاؤه على الهاتف المحمول يوميًا لتكون حرًا تمامًا بعده، وقم بالتفاعل والتواصل مع أفراد عائلتك.
– اجعل منطقة فى المنزل مخصصة للتفاعل العائلى وخالية تماما من الموبايلات. قد تكون غرفة الطعام أو غرفة المعيشة هى المكان المثالى لذلك.
– قم بتحفيز جميع أفراد الأسرة على وضع هواتفهم جانبًا والتركيز على التفاعل الحقيقى معهم.
– قم بتخصيص وقت لأنشطة عائلية ممتعة ومثيرة بعيدًا عن الموبايلات. يمكن أن تشمل هذه الأنشطة اللعب معًا، أو الخروج للتنزه فى الطبيعة، أو ممارسة الرياضة الجماعية، هذه الأنشطة ستعزز التواصل والترابط بين أفراد الأسرة.
تحديث الإعدادات:
استخدم إعدادات الهاتف المحمول للتحكم فى الوقت الذى تقضيه على التطبيقات والإشعارات. يمكنك تعيين حدود زمنية لاستخدام التطبيقات الاجتماعية وتعطيل الإشعارات غير الضرورية خلال أوقات العائلة.
القدوة الحسنة:
كونك أحد الوالدين يجعل من الضرورى أن تكون قدوة حسنة لأفراد الأسرة فى استخدام الموبايل. قم بتقليل وقتك الخاص على الهاتف وتوجيه اهتمامك نحو العائلة.
القواعد العائلية:
قم بوضع قواعد عائلية واضحة بشأن استخدام الموبايلات. يمكن أن تشمل هذه القواعد عدم استخدام الموبايلات أثناء تناول الطعام أو فى ساعات النوم، وعدم الرد على المكالمات أو الرسائل أثناء الحديث مع شخص آخر.
ما هي أضرار استخدامات السوشيال ميديا علي الجهاز العصبي للفئات العمرية المختلفة؟
يجب أن يكون هناك رقابة من الأسرة لمشاهدة أى محتوى يخص الطفل لأن مشاهدة أى محتوى غير مناسب أو غير ملائم يؤثر على التصرفات والسلوك والأفعال فيؤدى إلى زيادة التوتر العصبى والتغير السلوكى، وفيما يخص فئة الشباب عندما يصل لمرحله عمرية وعقليه مناسبة لمشاهده المحتوى فيجب أيضًا أن تكون هناك رقابة من الأسرة لأن مشاهدة محتوى غير مناسب يؤدى به إلى تصرفات غير سليمة والاستمرار في مشاهدتها يؤدى إلى زيادة التوتر العصبى والتغير السلوكى أيضًا.
وفيما يتعلق بالأشخاص الذين يعانون من إشارات زائدة فى المخ فعند استخدامهم للسوشيال ميديا أو اللاب توب فهي تحفز المخ وتزود من نسبه حدوث الإشارات لدى المخ.
ما مدي تأثير السوشيال ميديا على ذاكرة المستخدمين وهل تختلف هذه التأثيرات باختلاف الفئات العمرية العمريه؟
فيما يخص تأثير السويشيال ميديا على الجهاز العصبى فهى تؤثر عليه وتزيد من التوترات النفسية لأن المحتوى الموجود به صور حركية وتفاعلات صوتيه وكل ذلك يؤثر على الذاكرة والمذاكرة للفئات العمريه المختلفة، ولذلك أنصح أبنائى الطلبة بأن وقت المذاكرة يجب أن تلغى تماما فكرة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لأنها تقوم بمسح جزء من الذاكرة القصيرة وتخزن به جزء من المحتوى الذى يشاهده لذلك يجب أن تلغي تماما فكره استخدامه حتى الفئات العمرية الأقل سنا والمقبلين على فترة الامتحانات، وإذا استخدموا السويشيال ميديا يجب أن يكون فى فترات قصيرة جدا وفيما بعد أوقات المذاكرة وليس بينها.
ما الآثار النفسية المترتبة على استخدام السوشيال ميديا للأطفال والشباب؟
د. محمد سمير الملا
يشير الدكتور محمد سمير الملا، استشارى جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقرى بجامعة عين شمس إلى الآثار النفسية المترتبة على استخدام السوشيال ميديا فى العموم سببها المزاج الاكتئابى والسلوكيات الإدمانية والقلق فى كل الأعمار والفئات، لكن المشكلة فى سن الطفولة والمراهقة لأن أدمغتهم لا تزال فى مرحلة التكوين وبالتالى تتكون بشكل معتمد أساسا على السوشيال ميديا ويتسبب ذلك في مشاكل كثيرة من ضمنها نقص الانتباه وفرط الحركة ونقص القدرات على تكوين العلاقات الاجتماعية فكل ما يكون السن أصغر كلما يكون التأثير السلبى أكبر.
أما بالنسبة للشباب، فالمشكلة الكبرى فى كيفية تكوين العلاقات بالنسبة لهم ووجهة نظرهم والانقياد وراء التطرف بجميع أنواعه وكافة نواحيه ونشر السلوكيات الشاذة والغريبة والألعاب النفسية والابتزازات التى يمكن أن يتعرض لها الشباب نتيجة التعامل مع شخصيات مرضية نفسيًا على السوشيال ميديا.
في اعتقادى ومن ملاحظات شخصية وليست دراسة مؤكدة أن الفتيات أكثر تأثرا بالسوشيال ميديا على كافة الجوانب والمستويات خصوصا الجوانب السلبية وهذا نظرا لأن البنات أكثر تطلعا وحساسية وتأثرا بالبيئة المحيطة، وأيضا أكثر استهدافا فى الإعلانات والمحتويات.