أكد المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية أن قطاع التعدين المصري يشهد نقلة نوعية تستهدف ترسيخ مكانته كأحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الوطني، من خلال استغلال الثروات المعدنية المتنوعة وتعظيم القيمة المضافة منها، بما يتماشى مع رؤية الدولة لتعزيز مساهمة القطاعات الإنتاجية في النمو الاقتصادي. وأوضح أن تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى كيان اقتصادي فعال وإطلاق نموذج استغلال جاذب للاستثمار المحلي والعالمي، يمثلان ركيزتين أساسيتين لتطوير هذا القطاع الواعد.
جاءت ذلك خلال رئاسته الجمعيات العامة لعدد من الشركات التعدينية، إلى جانب استقباله السفير روبرتو إيبرت سفير تشيلي بالقاهرة ووفد شركة “إيناب سيبترول” الحكومية، حيث ناقش الجانبان فرص التعاون في مجالات البترول والتعدين لأول مرة.
وخلال أعمال الجمعيات العامة لشركات شلاتين، واديكو، السكري، والمصرية للثروات التعدينية بمقر هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية، شدد الوزير على أهمية الإسراع في تنفيذ المشروعات الجديدة التي تحقق عائداً اقتصادياً سريعاً وتواكب معايير الاستدامة البيئية.
وأوضح أن مشروع المجمع الصناعي للتعدين الأهلي في أسوان التابع لشركة شلاتين يعد خطوة جوهرية نحو دمج نشاط التعدين الأهلي وتقنين أوضاعه بما يحفظ حقوق الدولة، وفي الوقت نفسه يفتح الباب أمام الأهالي للعمل بشكل أكثر تنظيماً وكفاءة.
وأضاف أن الاستفادة من التجارب الناجحة في دول أخرى ستسهم في تطوير هذا المشروع وتحقيق أفضل النتائج.
أما فيما يخص منجم السكري، فقد أكد الوزير أنه يمثل قصة نجاح عالمية باعتباره أحد أكبر عشرة مناجم ذهب في العالم، ويعد نموذجاً يحتذى به في الالتزام بالمعايير البيئية.
وأشاد بدور الشريك الأجنبي “أنجلو جولد أشانتي” في استدامة هذا النجاح، مؤكداً أهمية دعم هذه الشراكة الاستراتيجية لضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية وتوطين التكنولوجيا المتقدمة في التعدين. ومن جانبه، عبر مارسيلو بيرييرا رئيس العمليات بالشركة العالمية عبر الفيديوكونفرانس عن اعتزازهم بالشراكة مع مصر، مشيراً إلى أن مصر تعد من أهم الدول في محفظة أعمال الشركة.
وكشفت نتائج أعمال شركة شلاتين أن إنتاجها من الذهب تجاوز 900 كيلوجرام خلال العام من منجم إيقات ومنظومة التعدين الأهلي، مع استهداف الوصول إلى 6 أطنان خلال خمس سنوات.
كما تنفذ الشركة مشروعاً ضخماً للمجمع الصناعي بدهميت على مساحة 1422 فداناً في أسوان، بهدف استيعاب التعدين العشوائي وتشغيله في بيئة علمية ومنظمة وصديقة للبيئة.
كما تواصل الشركة بالتعاون مع “آفاق للتعدين” أعمال دراسة وتأكيد الاحتياطيات بمنطقة غرب جبل علبة بما يزيد على 300 ألف أوقية، تمهيداً لإعلان كشف تجاري جديد يضيف قيمة كبيرة للاحتياطي المصري من الذهب.
وفي إطار استعراض خطط شركة واديكو، أوضح رئيسها المهندس أمجد غنيم أن الشركة حققت إنجازاً مهماً خلال عام 2025 بإضافة 5.4 مليون طن احتياطيات جديدة من خام الفوسفات.
كما تعمل على رفع جودة الخامات منخفضة ومتوسطة الجودة بما يضاعف المخزون عالي الجودة بنسبة تصل إلى 200%، الأمر الذي يفتح المجال أمام الدخول في شراكات قوية لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية.
وأضاف أن الشركة تتبنى مفهوم “التعدين الأخضر” عبر إطلاق أول كسارة فوسفات صديقة للبيئة تعمل بالطاقة الشمسية، مع تشغيل خطوط الإنتاج بمصادر نظيفة واستقدام معدات ثقيلة كهربائية توفر نحو مليون لتر سولار سنوياً، ما يعكس التزام القطاع بتقليل الانبعاثات وخفض الاستهلاك التقليدي للوقود.
أما شركة السكري، فقد عرضت خلال جمعيتها العامة خططها التوسعية في مشروعات بيئية نوعية، تشمل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ومشروعات لمعالجة المياه ومخلفات الإنتاج بما يضمن التخلص الآمن منها وتحقيق أعلى درجات الكفاءة البيئية.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور عمرو حسن رئيس الشركة المصرية للثروات التعدينية أن الشركة تستهدف رفع إنتاجها إلى نحو 593 ألف طن من مختلف الخامات التعدينية وعلى رأسها الفوسفات، إضافة إلى خامات أخرى كالكوارتز والتلك. وأشار إلى أنه يجري العمل على إسناد قطاعات جديدة بموقع وادي الشغب لتحقيق أعلى معدلات إنتاج، فضلاً عن البدء لأول مرة في استغلال خام القصدير بما يفتح آفاقاً جديدة للتوسع في الصناعات التعدينية المرتبطة به.
وعلى الصعيد الدولي، استقبل وزير البترول السفير روبرتو إيبرت سفير تشيلي بالقاهرة ووفد شركة “إيناب سيبترول” الحكومية العاملة في البترول والغاز بمصر. وشهد اللقاء مناقشة خطط التعاون في إنتاج البترول من مناطق عمل الشركة بالتعاون مع هيئة البترول، إلى جانب بحث فرص التعاون الممكنة في قطاع التعدين لأول مرة في ضوء التطور الكبير الذي يشهده هذا القطاع في مصر.
وأعرب الوزير عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر وتشيلي منذ ما يقرب من قرن من الزمان، مؤكداً حرص مصر على تعميق التعاون الثنائي واستكشاف آفاق جديدة للشراكة في قطاعات واعدة مثل التعدين. وأوضح أن استراتيجية قطاع البترول تقوم على ستة محاور رئيسية، أبرزها تنويع مزيج الطاقة وزيادة مشروعات الطاقة المتجددة بالتوازي مع أعمال الاستكشاف والإنتاج، بما يساهم في تعزيز الاستدامة المالية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وفيما يتعلق بالتعدين، أشاد الوزير بالخبرات التشيلية الرائدة عالمياً، لا سيما في استخراج الليثيوم والنحاس، مؤكداً تطلع مصر إلى بناء شراكة حقيقية مع تشيلي لتطوير سلاسل القيمة للمعادن الحرجة، مع تقديم كافة التسهيلات اللازمة للشركات التشيلية الراغبة في الاستثمار في مصر. من جانبه، أكد السفير حرص بلاده على تطوير العلاقات الاقتصادية مع مصر، مشدداً على أن شركة “إيناب” الحكومية تمثل إحدى أدوات بلاده لتعزيز هذا التعاون بما يحقق النفع المشترك للطرفين.
وتناول اللقاء أيضاً بحث سبل تسريع أعمال الشركة في منطقة غرب عامر بالصحراء الشرقية بالتعاون مع هيئة البترول، وزيادة معدلات الإنتاج من خلال حفر آبار جديدة وتوسيع أعمال الاستكشاف. كما عرض مسؤولو الشركة التشيلية خبراتهم في تطوير تقنيات استخراج الليثيوم والمعادن الأخرى، مؤكدين تطلعهم إلى التعاون مع الجانب المصري لأول مرة في هذا المجال. وفي ختام اللقاء، وجه السفير دعوة للوزير لحضور احتفالات اليوم الوطني لتشيلي في القاهرة خلال سبتمبر المقبل.
وتؤكد هذه التحركات المتزامنة – سواء على المستوى الداخلي من خلال تطوير أداء الشركات الوطنية أو على الصعيد الخارجي عبر الانفتاح على شراكات دولية جديدة – أن وزارة البترول والثروة المعدنية تمضي بخطوات ثابتة نحو تعزيز مكانة قطاع التعدين المصري وتحويله إلى أحد أهم مصادر دعم الاقتصاد القومي