شاهدت فى أحد الفيديوهات على السوشيال ميديا مستشفى فى قطر أقرب للخيال من الواقع . فالمستشفى تم تصميمها بنظام فندقى بحت من حيث الاستقبال والإضاءة والديكورات والاستراحات .. لا فرق بينها والفنادق الخمس أو السبعة نجوم الفائقة التميز.
نحن لا نطمع ولا نحلم في أن يكون لدينا مثل هذه المستشفيات، وإذا تواجدت فلا تستقبل إلا أصحاب رءوس الأموال مثل رجال الأعمال والسائحين العرب أو الأجانب وليس للفئات من ذوى الدخول البسيطة، أى أنها ستكون مستشفى للسياحة العلاجية فى غالب الأمر . وحتى لا ننتقد النظام في مصر، فالمقارنة بين النظام القطرى والمصري مثلاً لا تجوز لأن الدخل القومى لقطر يكفى لتغطية كافة متطلبات الشعب القطرى ويزيد بسبب قلة عدد السكان.
أما في مصر فنحن نتحدث عن ما يقرب من مائة وعشرة مليون مواطن بالإضافة إلى اللاجئين والمهاجرين من دول شقيقة أخرى (سوريا وليبيا والسودان واليمن) والتى قد تتعدى الـ10 مليون. فالأمر ليس سهلاً لتوفير خدمة صحية متميزة لهذه الأعداد. والسؤال: ألم يبحث مسئولون في وزارة الصحة حتى الآن فى ابتكار طرق جديدة لتطوير المنظومة الطبية والصحية المتردية منذ عشرات السنين حتى الآن، ناهيك عن المبادرة الرئاسية ١٠٠ مليون صحة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه الحكم .
ولا نزال نتحدث عن مستوى الخدمة الطبية والإمكانات المتاحة وقدرة التدريب والمرتبات التى يجب أن يتقاضاها الطاقم الطبى حتى لا يترك بلده مضطرا لزيادة دخله في دولة أخرى لكى يتحمل نفقات المعيشة المرتفعة . هذا الملف لابد أن يوضع على مائدة وزير الصحة، وبحثه بالتعاون مع اتحاد نقابات المهن الطبية لإيجاد وسيلة لتطوير المنظومة الطبية وطرح الحلول المناسبة . لأن ما نراه الآن هو وضع تقليدي لأى وزير صحة والمتمثل في متابعة أداء المستشفيات والمراكز الطبية والمرور عليها بشكل دورى لتفقد سير العمل والتى غالبا ما تكون ضعيفة نتيجة نقص الإمكانات الطبية، ويكتفى الوزير بهذا الدور نظرا لقلة الموارد على الرغم من أن مواد الدستور تنص على أن نسبة ٤% من الدخل القومى تُخصص للمنظومة الطبية والتى ليس في إمكان الدولة توفيرها نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة .
نحن لازلنا نعانى من نقص فى عدد المستشفيات والأسرة والعناية المركزة ونقص في وفرة العلاج والأدوية والتى لا تتناسب مع حالة المرضى . وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يفكر وزير الصحة خارج الصندوق للخروج بحلول عملية يضمن من خلالها خدمة طبية متميزة للمواطن المصرى الذى يعانى منذ سنوات بسبب الزيادة السكانية ونقص في المستشفيات والمراكز الطبية.
هناك مقترح قد يكون أحد الحلول المهمة عبارة عن شراكة بين الدولة ومستثمرون من رجال الأعمال من أجل بناء مستشفيات حديثة، وإحلال وتطوير المستشفيات القديمة على أن يتم تخصيص جزء من المستشفى للعلاج السياحى أو الاستثمارى، والآخر للكشف والعلاج مجانًا لأصحاب الدخول البسيطة، وتلتزم وزارة الصحة بالتعليم والتدريب المستمر للأطقم الطبية على أحدث الأجهزة التى تتوافر عن طريق المستثمر ويخصص نسبة من الإيراد لمدة محددة يتفق عليها لحساب المستثمر والأخرى للدولة (نسبة وتناسب)، تماما مثل أى استثمار بالشراكة مع ضمان حق المواطن المصرى فى العلاج المجانى فى المنظومة الجديدة .
وفى حال تنفيذ هذه الشراكة، ستتوفر في مصر مستشفيات على أعلى مستوى من الخدمة والإمكانات الطبية المميزة وأطقم طبية مدربة لا تقل مستواها عن الطواقم الطبية الأجنبية. لان العقلية المصرية لا تحتاج سوى للإمكانات لكى تنطلق وتبدع وتنعكس على الدولة بالنفع لأنه سيكون لدينا سياحة علاجية، وبدلا من توجه العرب ورجال الأعمال إلى دول أوروبية للعلاج سيكون لدينا البدائل والإمكانات المتاحة للعلاج بالداخل وجذب السياحة العلاجية فى مصر، وفى الوقت نفسه يضمن المواطن البسيط توافر العلاج المتكامل .
ولكي تكتمل المنظومة يجب التحرر من قيود الروتين الحكومي لكى ننهض ونصل إلى مصاف الدول الأوروبية من حيث الكفاءة والإمكانات الطبية التى يجب أن تتوافر فى دولة كبرى مثل مصر.