هل ستنافس البريكس القيادة الأمريكية؟
فى خضم التحولات السياسية والاقتصادية
الكبيرة التى يشهدها العالم فى الوقت الراهن، حاولت بكين توسيع تجمع “البريكس”
من خلال توجيه الدعوة إلى عدة دول من بينها السعودية ومصر والإمارات للانضمام وغيرها
من الدول.
إن
تجمع”البريكس”BRICS وهو مختصر للحروف الأولى
المكونة لأسماء الدول الأعضاء التى تضم خمس دول هى: “البرازيل، وروسيا، والهند،
والصين، وجنوب أفريقيا”، وهى الدول التى تُصنف بأنها صاحبة أسرع نمو اقتصادى فى
العالم، وكانت تُسمى “بريك” قبل انضمام جنوب أفريقيا لها عام 2010، وقد
بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006 وعُقد أول مؤتمر قمة لها عام 2009.
وقد
تكونت “البريكس” فى مؤتمر كانكون بالمكسيك عام 1999 من رحم المؤتمر الوزارى
لمنظمة التجارة العالمية، وكانت فى ذلك الوقت تتكون من البرازيل، وروسيا، والهند،
والصين، وعُرض على مصر الانضمام حينها، غير أنها لم ترد بشكل واضح فى البداية.
يعتبر انضمام مصر حالياً لـ”البريكس”
وغيرها من الدول خطوة مهمة نحو اقتصاد
عالمى جديد، مما يحطم الاحتكار الفعلى للدولار، ويذكر أن مخاوف واشنطن بشأن نمو
“بريكس” اشتدت مع بداية الأزمة فى أوكرانيا، وقد أثبتت الأزمة
الأوكرانية فاعلية “بريكس” كنظام بديل تقدمه روسيا بالشراكة مع دول أخرى
وخاصة الصين. ووصف الرئيس الصيني شي جين بينج التوسع المعلن لنادي الاقتصادات
الناشئة في “بريكس”، والذي يضم خمس دول، بأنه «تاريخي»، لكن ليس من
المؤكد لأن المصالح المشتركة لهذه الدول تمتد إلى ما لا نهاية.
وقال
الرئيس الصيني إن نمو البريكس «سيعزز قوة السلام والتنمية في العالم»، مخاطبًا
القادة في مركز مؤتمرات بجوهانسبرج، المركز التجاري لجنوب إفريقيا.وغالبًا ما يُنظر إلى
البريكس على أنها ثقل موازين للعالم الغربي.وستنضم الدول الست الجديدة وهى: الأرجنتين،
ومصر، وإيران، وإثيوبيا، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة في
يناير 2024وكانت الصين الدولة الأكثر
إصرارًا على توسيع المجموعة لمواجهة الهيمنة الغربية.
بناء شراكة
كان
رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الذى استضاف القمة، متألقًا عندما أعلن عن
الأعضاء الجدد، وقال: نحن نقدر اهتمام الدول الأخرى ببناء شراكة مع البريكس، وأضاف
أن الدول الأخرى ستنضم إلى البريكس في المستقبل، بمجرد أن توافق الدول الأعضاء على
معايير العضوية. لكن هذه المرة، تنقسم الآراء حول عدد البلدان التي يجب السماح لها
بالانضمام وسرعة هذا الانضمام. كما أن الرئيس البرازيلى قلق للغاية بشأن الحفاظ على
العلاقات مع حلفائه الغربيين.
بنك التنمية
الجديد
تحقق أول إنجاز للمجموعة والمتمثل فى “بنك التنمية الجديد”، والذي يهدف إلى
تمويل تطوير البنية التحتية. وهناك أيضًا احتياطي يمكن للأعضاء الاعتماد عليه في
حالات الطوارئ. يقدر بنحو 100 مليار دولار.
وطالما
دعت دول مجموعة “بريكس” إلى انتخاب قادة المؤسسات العالمية بطريقة شفافة
وديمقراطية -على سبيل المثال- كان رئيس البنك الدولي دائمًا أمريكيًا، والمدير
الإداري لصندوق النقد الدولي أوروبيًا، ويضم البنك الدولي 189 دولة عضوا وصندوق
النقد الدولي 190 دولة.
إن
فكرة بنك التنمية الجديد لا تتمثل في استبدال البنك الدولي بل في «استكمال»
المؤسسات المالية الدولية القائمة. ولا يزال أعضاء البريكس يفكرون في إنشاء بنك
دولي يتمتع أعضاؤه بحقوق تصويت تتناسب مع وزنهم الاقتصادي وسيأتي موظفوه من جميع
أنحاء العالم بطريقة متوازنة جغرافيًا.
وختامًا،
فإن السيناريو المحتمل هو تحول مجموعة “البريكس” إلى فاعل دولى
قوى فى الساحة الدولية، ويفترض هذا السيناريو أن قدرة الدول الخمس المشكلة لتجمع
بريكس والدول الستة التى ستنضم حديثاً، على تجاوز خلافاتهم وخاصة الشئون
الاستراتيجية والتقاء مشاريع كل هذه الدول حول استراتيجية تغيير النظام الدولى
الراهن، والانتقال إلى النظام الدولى متعدد الأقطاب الذى ينهى عهد الهيمنة
الأمريكية فى العلاقات الدولية. فإن الإمكانيات التى تمتلكها الدول المشكلة للبريكس
لو وُظفت فى إطار مشروع واحد ستسهم بدورها فى التأسيس لنظام دولى اقتصادى-مالى، وسيكون
له الأثر الكبير فى إحداث اختلال واضح فى توازن القوى الراهن، والدفع باتجاه إعادة
توزيع جديد للقوى فيه، حيث يتأسس النظام الدولى الجديد، ويشكل البريكس أحد أهم
أقطابه.