هل ترامب مع الشرق الأوسط من جديد؟
ترجمة: يسرا محمد مسعود
إن تداعيات إشكاليات الشرق الأوسط وصراعاته فى ظل الأزمات الداخية والخارجية فى المنطقه توضح الخصائص المحتملة للسياسة الأمريكية فى ظل حكم ترامب وهذه العناصر يمكن أن تحلل من خلال ٣ محاور رئيسة.
فإن العلاقات بين الدولتين سوف تتميز بالعديد من الإعتبارات. بداية، فإن الحرب الشرسة الذى يقوم بها نيتنياهو أكدت على أن مصر هى الدولة الوحيدة القادرة على الحوار مع كل الأطراف، فهى تبقى الشريك الأكثر قدرة على التعاون مع الولايات المتحدة إذا التزمت هذه الأخيرة بجدية فى عملية حقيقية ودائمة للسلام فى فلسطين والشرق الأوسط.
فيجب على أمريكا أن تأخذ فى الاعتبار تأثير الأزمة الاقتصادية فى مصر والتى تضاعفت بسبب الأزمات المتتالية لكوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، ثم الحرب على غزة والتوترات فى البحر الأحمر. ولقد أثقلت هذه الأحداث الحمل على الحكومة المصرية لحماية الأمن الداخلى الهام للمنطقة والمصالح الأمريكية.
إن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتهنئة ترامب بعد فوزه الانتخابى يعكس المناورة السياسية الذكية والتى تهدف إلى تعزيز العلاقات الشخصية بين الرئيسين. ويمكن أن تتشكل الفترة القادمة بعدة عوامل رئيسة، كما إن التطورات الحديثة تؤكد على الدور الرئيسي والمستمر للولايات المتحدة فى المنطقة.
إن السياق الحالى يختلف عن عصر ترامب، إن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تواجهها تحديات كبرى خاصة بسبب المساندة غير المسبوقة للفلسطينيين فى شوارع أمريكا وأوروبا وكذلك الإنعزال المتزايد لإسرائيل فى المشهد الدولى والذى يؤثر مباشرة على الولايات المتحدة.
فيمكن لترامب وهو رجل أعمال براجماتى اتخاذ قرارات أكثر توجها نحو المصالح الأمريكية مع مساحة أكبر للمناورة من أسلافه. ومع ذلك، لايزال التغير النوعى الكبير فى العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل غير مرجح.
ويعتمد تنفيذ اتفاقات إبراهام التى أطلقها ترامب من الآن فصاعدا ليس فقط على نهاية الحرب فى غزة ولكن أيضا على إنشاء دولة فلسطينية، كما أكد وزير الخارجية السعودى مؤخراً. وهذا يعكس إعادة توازن المصالح بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية. ويمكن للموقف الجماعى للدول العربية أن يلعب دورا استراتيجياشريطة أن تترجم قرارات القمة العربية الإسلامية فى الرياض إلى إجراءات ملموسة لإقامة دولة فلسطينية.
الولايات المتحدة والحرب الروسية الأوكرانية
إن إحدى التصريحات الأكثر دلالة لترامب أثناء حملته الانتخابية إنه سيكون قادر على وضع حل للحرب الروسية الأوكرانية فى خلال 24ساعة. وعلى الرغم من أن هذه القضية تبدو أقل أهمية فى جدول أعمال الشرق الأوسط منها فى أمريكا أو أوروبا إلا إن تأثيرها العالمى لا يمكن إنكاره.
فلقد تسببت الحرب فى اضطرابات اقتصادية كبيرة لاسيما فى مصر، من خلال ارتفاع أسعار القمح والنفط وسلاسل التوريد والشحن، ناهيك عن تداعيتها فى السياسة الدولية. وهناك بعض العوامل التى تساعد ترامب على الوساطة:
فإن العلاقات التى أقيمت بين ترامب وبوتين خلال رئاسته السابقة يمكن أن تخلق مناخا مواتيا للمفاوضات. ويرى ترامب أن الصين وليس روسيا تمثل التحدى الرئيسى الاستراتيجى للولايات المتحدة والذى يغير النهج الأمريكى تجاه موسكو.
إن بعض بلدان أوروبا الغربية، بدرجات متفاوتة تظهر إرادة ضمنية لوضع حد لحرب تؤثر على اقتصاداتها وتشركها فى استراتيجية أمريكية ينظر إليها أحيانا على أنها تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي.
ويمكن للبعض أن يحكم على هذا المقال بالتفاؤل الكبير أو إنه مبنى على افتراضات نظرية ومع ذلك فهناك شىء مؤكد واحد وهو أن عودة ترامب وشخصيته الخاصة قد تجعل من الصعب التوصل لإجماع حول التطورات المستقبلية.
(*) رءوف سعد، الأهرام إبدو الفرنسية، 20 نوفمبر 2024.