مصر تفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع الشركات الأسترالية في قطاع التعدين
جاءت المشاركة المصرية في فعاليات المؤتمر الإفريقي الأسترالي للتعدين والطاقة «Africa Down Under» بمدينة بيرث الأسترالية لتشكل نقطة تحول مهمة في استراتيجية الدولة لتعزيز مكانة مصر كوجهة واعدة للاستثمارات التعدينية وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع الشركات الأسترالية في قطاع التعدين.
فقد مثلت هذه المشاركة الرسمية الأولى لمصر في هذا الحدث العالمي، الذي يعد الأكبر من نوعه خارج القارة الإفريقية، رسالة واضحة على جدية القاهرة في فتح أبوابها أمام الشراكات الدولية، ولا سيما مع الشركات الأسترالية التي تمتلك خبرات عميقة في مجالات التعدين المختلفة.
ويحظى المؤتمر بمكانة خاصة على خريطة الفعاليات العالمية، حيث يجمع سنوياً نخبة من صانعي القرار وقادة الشركات والخبراء في مجالي التعدين والطاقة، بما يجعله منصة رئيسية لعرض التجارب، وتبادل الخبرات، وبحث فرص التعاون في المشروعات المستقبلية. ومن ثم جاءت المشاركة المصرية لتؤكد أن مصر تسعى إلى أن تكون حاضرة بقوة في المحافل الدولية، ولتسليط الضوء على الفرص التي يوفرها قطاع التعدين المصري في مرحلة التوسع الحالية.
ركز الوفد المصري برئاسة المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية على الترويج للمناخ الاستثماري الجديد في قطاع التعدين، حيث عرض الوزير أبرز الإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي أقرتها الدولة خلال السنوات الأخيرة لتسهيل إجراءات التراخيص وتطوير دور هيئة الثروة المعدنية، بما يضمن بيئة أكثر جذباً لرؤوس الأموال. وأكد أن هذه الخطوات تأتي متوافقة مع أفضل الممارسات العالمية، بما يبعث برسالة طمأنة إلى المستثمرين الجادين بأن مصر توفر بيئة أعمال مستقرة وشفافة.
وفي إطار الحضور المصري النشط، عقد الوزير جلسات مكثفة مع تسع مؤسسات وشركات أسترالية متخصصة، إلى جانب مشاركته في جلستين رئيسيتين تناولتا فرص الاستثمار التعديني في مصر. كما افتتح اجتماع المائدة المستديرة بعنوان «استثمر في مصر» الذي شارك فيه قادة وممثلو شركات التعدين، مؤكداً التزام الحكومة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتذليل العقبات أمام المستثمرين. كما وجه الدعوة إلى الشركات الناشئة والمتوسطة للمساهمة بآرائها في تطوير التشريعات المنظمة للنشاط، موضحاً أنها تمثل القاعدة الأكبر في القطاع، وبالتالي فإن إشراكها يعزز فرص النمو المستدام.
من جانبه استعرض الجيولوجي ياسر رمضان رئيس هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية، فرص البحث والتنقيب عن الخامات المعدنية في مصر، مشيراً إلى توافر مقومات واعدة مدعومة بتشريعات حديثة وبنية تحتية قوية، وهو ما يجعل مصر بيئة استثمارية مهيأة لتحقيق عوائد مجزية.
كما شهدت الاجتماعات الثنائية زخماً ملحوظاً، حيث ناقش الوزير مع مسؤولي شركة الثروات والموارد للتعدين خطط تطوير أعمال منجم إيقات للذهب بالصحراء الشرقية، بما يشمل إنشاء مصنع لاستخلاص الكربون، ومحطات لتوليد الطاقة والمياه، بهدف وضع المنجم على خريطة الإنتاج العالمية قريباً. وقد عكس هذا اللقاء حرص الدولة على تشجيع المستثمرين المحليين إلى جانب الشركاء الدوليين، في إطار رؤية متكاملة لتطوير صناعة الذهب.
وفي لقاء آخر، بحث الوزير مع جيف كوارترمين الرئيس التنفيذي لشركة «بيرسيوس للتعدين» الأسترالية سبل نقل خبرات الشركة الممتدة في أفريقيا إلى مصر، خاصة في مجالات تقنيات الحفر الحديثة وتخطيط المناجم القائم على البيانات، ووجه الدعوة للشركة لزيارة مصر والاطلاع عن قرب على الفرص المتاحة. ويعكس هذا اللقاء التوجه نحو الاستفادة من النماذج الناجحة في غرب أفريقيا ونقلها إلى التجربة المصرية.
كما تناولت مباحثاته مع ممثلي شركة BDO الأسترالية – إحدى كبرى شركات المحاسبة والخدمات الاستشارية – التعاون في مجالات إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والخدمات التمويلية لمشروعات التعدين والطاقة. وتم الاتفاق على تنظيم زيارة قريبة لمسؤولين أستراليين إلى مصر للتعرف على إمكانات القطاع، مع التركيز على جذب الشركات الناشئة والمتوسطة التي تمثل محركاً مهماً للابتكار والنمو في الصناعة.
ولم يغب عن أجندة اللقاءات بحث التعاون مع شركة «جيودريل» للحفر التعديني العاملة بالفعل في مصر، حيث أشاد مسؤولوها بالتطورات الكبيرة التي يشهدها القطاع، مؤكدين أن مصر باتت ضمن الوجهات الاستثمارية المفضلة لمستثمري التعدين في أفريقيا.
وهكذا، عكست المشاركة المصرية في هذا الحدث العالمي حرص الدولة على الاستفادة من التجارب الدولية المتقدمة، ونقل أحدث الممارسات العالمية إلى قطاع التعدين المحلي، بما يسهم في تحقيق نقلة نوعية تستهدف وضع مصر في موقع متقدم على خريطة الاستثمار التعديني العالمية.