رأى

الفساد في الجامعات.. مظاهره وآليات مكافحته

akhbarelsaa.com Gbuhrhue

 

 

 

 

 

 

 

بقلم: د. آية الهنداوي
مدرس مساعد بكلية الآداب، جامعة المنصورة

 

يشمل الفساد في المؤسسات الجامعية مجموعة من السلوكيات غير الأخلاقية، بدءًا من سوء الإدارة المالية وصولاً إلى عدم النزاهة الأكاديمية، مثل المحسوبية والرشاوى والغش الأكاديمي وانحدار الأخلاق.

فمكافحة الفساد في الجامعات أمر ضروري للحفاظ على النزاهة وتعزيز بيئة تعليمية عادلة وضمان المسؤولية، لأن الفساد يُضعف القيم الأساسية للتعليم ويُفقد الثقة في المؤسسات الأكاديمية.

صور الفساد وأشكاله

هناك أشكال عدة من صور الفساد الموجودة في الجامعات، منها سوء الإدارة المالية واختلاس الأموال والعقود الاحتيالية والنفقات غير المبررة، وقضايا المال التي يمكن أن تؤدي إلى صفقات مشبوهة تؤثر على توزيع الموارد والاستقرار المالي في الجامعات، ومن هذه الأمثلة اختلاس الأموال والعقود الاحتيالية.

ومن أهم هذه الصور هو الغش الأكاديمي والانتحال وبيع الرسائل العلمية وكأنها سلعة يمكن شراؤها من المحلات التجارية، وللأسف الشديد يمكن أن يسهم معظم أساتذة الجامعات في هذا الفعل المشين بمقابل مادي للباحثين برغم علمهم الشديد ببشاعة ما يقومون به تجاه هذا الكيان الأكاديمي الكبير. وهنا يكمن السؤال في كيف لمثل هؤلاء الأساتذة بأفعالهم هذه أن يصبحوا قدوة للطلاب والباحثين؟

هذه الأفعال لا تليق بالمجتمع الأكاديمي إطلاقًا، الأمر الذي يُضعف ويُنهي نزاهة البحث العلمي والعمل الأكاديمي، عندما يتفشى الفساد والانتحال وتزوير البيانات وأشكال أخرى من عدم النزاهة الأكاديمية. وهذه الممارسات تقلل من قيمة الشهادات وتلوث سمعة المؤسسات التعليمية.

ومن العوامل التي تسهم في الفساد في التعليم العالي، عندما تفتقر المؤسسات التعليمية إلى الشفافية والمسؤولية، فإن هذا يخلق بيئة خصبة لتطور ممارسات الفساد. كما أن غياب آليات الرقابة والتدقيق لهذه الممارسات يتيح انتشارها وازدهارها.

هناك أيضًا شكل آخر من أشكال الفساد الجامعي مهم للغاية، وهو التلاعب بنتائج الطلاب والغش، مما يتسبب في ظُلم كثير من الطلاب المجتهدين في الحصول علي حقوقهم،
حيث إنها تُسلب منهم لصالح طلاب آخرين لا يستحقون بسبب الغش والتدليس داخل غرف الكونترولات بالكليات.

إن ضعف النظم الرقابية يتيح ثغرات يمكن للفساد التسلل من خلالها بسهولة، كما يسهم غياب العقوبات الرادعة في استمرار المشكلة وتفاقمها، لأن تأثير الفساد علي البيئة الجامعية يؤدي إلى تآكل المصداقية والثقة المؤسسية، ويلوث سمعة المؤسسات الجامعية، ما يؤدي إلى انعدام الثقة بين الطلاب والأساتذة والجمهور، ويضعف الإدراك بالنزاهة المؤسسية بشكل خطير. كما يؤدي إلى انخفاض جودة التعليم والبحث، حيث إنه عندما يتسلل الفساد إلي المؤسسات الجامعية فإنه يؤثر في جودة ونزاهة نتائج التعليم والبحث، وتفقد الشهادات قيمتها، ويمكن التشكيك فيها وفي الاكتشافات العلمية.

هناك جانب آخر في غاية الأهمية لا بد من تداركه والحديث عنه ووجود حل لآليات مشكلته، ألا وهو الترقيات والأبحاث التي يقدمها أساتذة الجامعات إلى اللجان العلمية للترقي في السلم الأكاديمي. فلا بد من تغيير هذا النظام وجعل الترقيات الأكاديمية عن طريق نشر الأبحاث في مجلات علمية محترمة ومُحكمة سواء مجلات محلية أو دولية حفاظاً على مستقبل عضو هيئة التدريس العلمي والأكاديمي وعدم تحكم أشخاص من لجان الترقيات في ترقيته ومصيره.

لهذا لا بد أن يصدر بذلك قانون يُلزم الجميع بهذا الأمر حفاظا على مستقبل الأجيال الصاعدة من أعضاء هيئة التدريس في البيئة الجامعية. ونؤكد ونطالب بضرورة تعديل بعض بنود مواد قانون تنظيم الجامعات فيما يخص مشكلة الترقيات كما ذكرنا سلفا.

ومن المشكلات التي نعاني منها ويتظلم عضو هيئة التدريس بسببها بدءا من درجة معيد حتي الوصول إلي مدرس هي المدة التي تُحدد بقاءه في هذه الوظيفة من عدمه، حيث إنها محددة بدراسته للماجستير والدكتوراه. وإذا لم يحصل عليهما في المدة الزمنية المحددة، فإن مصيره يكون على حافة الهاوية ويحول إلى وظيفة إدارية ويفقد مكانته العلمية والأكاديمية، فهذا الأمر يُعد كابوساً يهدد مستقبل الهيئة المعاونة بالجامعات.

وسائل وآليات المكافحة

لا بد أن يتم تعديل قانون تنظيم الجامعات ليحمي الهيئة المعاونة من فقدان وظيفتهم لأن هذا يعد إهانة شديدة في حقهم وإهدارا لسنوات اجتهادهم وتفوقهم العلمي، علما بأنه لا توجد أي وظيفة في المجتمع مصير أصحابها مُهدد مثل أعضاء الهيئة المعاونة بالجامعات.

وهنا يثار السؤال: لماذا لا يحدث هذا في أي مجال آخر سوى الجامعات؟ وعليه:
-يجب تشجيع الأفراد للإبلاغ عن حالات الفساد دون خوف من الانتقام من خلال إنشاء آليات قوية لحماية المبلغين، تُعزز الشفافية والمسئولية داخل المؤسسات الجامعية.

-يجب تعزيز ثقافة النزاهة والمسئولية بين الموظفين والطلاب والإداريين وهو أمر حاسم لمكافحة الفساد، والتركيز على القيم الأخلاقية واتخاذ القرار المسئول، ما يُسهم في إنشاء مناخ لا تُقبل فيه ممارسات الفساد.

وأذكر في هذا الشأن الحديث عن الجامعات والمعاهد الخاصة، حيث طالها الفساد أيضًا وظهر فيها بأشكال متنوعة، يتمثل في الرشاوى عند القبول والاختلاسات المالية، وهذا يتطلب مواجهة ورقابة متزايدة للحفاظ على نزاهة النظام التعليمي.

ختاماً، فإن مكافحة الفساد في الجامعات الحكومية والخاصة أمر ضروري جدا للحفاظ على نزاهة مؤسسات التعليم العالي وضمان بيئة أكاديمية ملائمة، من خلال وضع وتنفيذ خطط وآليات قوية للمكافحة وتعزيز الشفافية وتشجيع ثقافة الأخلاق والمسئولية، حتى يمكننا الوصول لخلق نظام جامعي قائم على مبادئ النزاهة والتميز. ومن الضروري أيضًا أن تعمل جميع الجهات المعنية معًا لمكافحة الفساد والدفاع عن قيم العدالة والنزاهة الأكاديمية في جميع مؤسساتنا التعليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى