الصراع الديني اليهودي .. وفلسطين!
د. آية الهنداوي*
يعود الصراع الديني اليهودي على أرض فلسطين إلى جذور تاريخية ودينية معقدة ، ويتداخل هذا الصراع مع قضايا قومية وسياسية، حيث تكتسب فلسطين أهمية خاصة لليهود والمسلمين والمسيحيين.
وسوف أستعرض أهمية أرض فلسطين من عدة جوانب وهي:
1. الأهمية الدينية لفلسطين:
ففي اليهودية: يعتبر اليهود أن فلسطين هي “أرض الميعاد” التي وعد بها الله إبراهيم عليه السلام ونسله من إسحاق أي (بني إسرائيل) ، وهي الأرض التي نشأت فيها مملكة إسرائيل القديمة قبل الشتات اليهودي.
“والقدس” ، ولا سيما الحرم القدسي الشريف (جبل الهيكل حسب العقيدة اليهودية) يمثل مكانا مقدسا لليهود ، حيث كان يوجد الهيكل الأول والثاني حسب الروايات التوراتية.
وفي الإسلام: بالنسبة للمسلمين، فلسطين وخاصة (القدس) ذات أهمية كبيرة حيث يوجد المسجد الأقصى، الذي يُعد من أقدس الأماكن في الإسلام وثالث الحرمين الشريفين.
وفي المسيحية: تحظى فلسطين بأهمية لدى المسيحيين أيضًا لكونها مسرحًا لأحداث عديدة من حياة يسوع المسيح.
2. الصهيونية وعودة اليهود:
في أواخر القرن التاسع عشر ظهرت حركة الصهيونية، وهي حركة قومية استعمارية متطرفة دعت إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وذلك بعد الحرب العالمية الأولى، وبتأثير من وعد بلفور عام 1917، بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالزيادة، ما أدى إلى تصاعد التوترات مع السكان العرب المسلمين والمسيحيين الذين كانوا يعيشون هناك.
3. النكبة وتأسيس إسرائيل:
وفي عام 1948، تم إعلان قيام دولة إسرائيل بعد قرار تقسيم فلسطين من قبل الأمم المتحدة، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم فيما يُعرف بـ”النكبة” ، واعتبرت إسرائيل تحقيقًا للصهيونية، بينما رآها العرب والفلسطينيون اغتصابًا لأراضيهم.
4. الصراع الديني والسياسي المستمر:
الصراع الذي استمر على مدى عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين يتخذ أبعادًا دينية بسبب التنافس على القدس والمواقع المقدسة ، فاليهود يرون أن لهم حقًا تاريخيًا ودينيًا في الأرض، بينما يرى المسلمون والفلسطينيون أن فلسطين هي جزء من العالم الإسلامي ولها قيمة دينية لا يمكن التخلي عنها.
5. التسويات والمفاوضات:
كانت هناك محاولات عدة علي مر السنين للتسوية بين الطرفين، مثل اتفاقات أوسلو، ولكن القضايا الدينية المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود دائمًا ما تعرقل الوصول إلى حل دائم.
الصراع يتجاوز مجرد نزاع ديني، إذ يشمل قضايا سياسية وقومية، لكنه لا يمكن فهمه بالكامل دون النظر إلى الأبعاد الدينية التي تغذيه.
فالصراع الديني بين اليهود والفلسطينيين مرتبط بشكل كبير بالجانب الديني والتاريخي للمنطقة، خاصة ما يتعلق بالأرض المقدسة والمفاهيم الدينية المختلفة التي تعود لآلاف السنين. يُعَد هذا الصراع جزءاً من الصراع الأوسع حول فلسطين المحتلة.
•• الصراع في العصر الحديث:
الصراع الحديث بين اليهود والفلسطينيين بدأ فعلياً في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مع ظهور الحركة الصهيونية التي هدفت إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وهذا التطور تزامن مع ضعف الدولة العثمانية ثم سقوطها بعد الحرب العالمية الأولى.
وبعد الحرب العالمية الثانية والهولوكوست، ازدادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بشكل كبير، مما أدى إلى توترات متزايدة بين اليهود والعرب الفلسطينيين.
في عام 1948، أُعلن عن قيام دولة إسرائيل على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين، والذي يُعرف بالنكبة. هذا الحدث أسس للصراع المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين حتى اليوم.
* البعد الديني:
الصهيونية الدينية: تعتبر الصهيونية الدينية من التيارات التي ترى أن إقامة دولة إسرائيل على “أرض الميعاد” جزء من تحقيق النبوءات الدينية ، ويرى المتطرفون في هذا التيار أن السيطرة على كامل فلسطين، بما في ذلك القدس والمسجد الأقصى ضرورة دينية، مما أدى إلى محاولات عديدة لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي.
الحركات الإسلامية: في المقابل ترفض العديد من الحركات الإسلامية، مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي، أي تواجد إسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وترى أن فلسطين أرض وقف إسلامي لا يجوز التخلي عنها أو التنازل عن أي جزء منها.
•المستوطنات والتوتر الديني:
بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، يُعد واحداً من أكبر العوامل المؤججة للصراع ، هذه المستوطنات تُبنى على أراضٍ يعتبرها الفلسطينيون محتلة، بينما يعتبرها اليهود جزءاً من أرضهم التاريخية.
* الوضع الحالي:
لا يزال الصراع مستمراً، مع مواجهات متكررة في القدس وخاصة في محيط المسجد الأقصي ، والقضايا الدينية تظل مركزية في النزاع، حيث يرتبط العديد من الأحداث العنيفة بمحاولات تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة، مما يؤدي إلى احتجاجات وتصاعد في التوترات.
إذن الصراع الديني هو جزء لا يتجزأ من الصراع السياسي والوطني بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويتعزز بالتفسيرات المختلفة للنصوص الدينية والتراث التاريخي.