التقنية بين المعلوماتية والإباحية
بقلم الدكتورة أماني محمد عوض
أستاذ تكنولوجيا التعليم، عميد كلية التربية، جامعة دمياط
شهد العصر الحالي تغيرات فى شتى المجالات الناتجة عن التطور التقنى والمعلوماتي، مما أسفر عن طفرة في جميع الممارسات التى انعكست علي التنشئة الاجتماعية، فلم تعد مصادر التربية منحصرة في الأسرة والمدرسة بل امتد إلى تأثير الإعلام السمعى والبصرى علي التربية.
وبظهور الهواتف الذكية بما فيها الهواتف النقالة وأجهزة التابلت المحمولة كان لها من الإيجابيات ومن السلبيات. فأما عن إيجابياتها فقد سمحت بتعدد مصادر المعرفة وأصبح من اليسير علي الفرد الوصول إلي المعلومات علي مستوى العالم في ثوانى معدودة وأصبح من السهل تبادل الأفكار والاطلاع علي الثقافات المختلفة والاستفادة من التجارب والخبرات الدولية والتعامل مع قواعد بيانات وبنك معرفة ثرى بملايين الدراسات.
ولكن لها من السلبيات التى تتمثل في الإدمان للتقنية الذى وصل إلي حد انفعالات في حالة انقطاع شبكة الإنترنت أو انتهاء الباقة فضلا عما وصلت إليه الأسر المصرية من عزلة اجتماعية
فكل فرد فى الأسرة لديه هاتف محمول ويعيش في جزر منعزلة وأصبح كل فرد في عالم فضائي خلف الشاشات المحمولة.
تفككت العلاقات الأسرية وصار الجميع يتواصل تقنيا عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي مما تأثر به كيان الأسرة من توفير سبل التنشئة الاجتماعية وما تقتضيه من إرشاد وتوجيه ورعاية وإنصات وصداقة وتربية وعناية غابت القدوة بالممارسة والنمذجة وتم استبدالها بمحاكاة لبرامج التيك توك التى أسفرت عن سلوكيات استحدثت علي المجتمع كوسيلة للتربح السريع دون عناء أو جهد.
فكل ما هنالك فيديوهات سريعة الانتشار لا تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا الشرقية العربية والإسلامية ولا مع ثقافاتنا الأصيلة، اختلط فيها الحابل بالنابل لا هدف منها ولا مغزى ولا درس ولا عبرة. بل ذاعت فيها خصوصيات الأسر وأسرارها وامتلأت الشاشات بالترندات فصارت إحداهن أكثر شهرة من بنت الشاطيء وصار أحدهم قدوة الشباب في الرقص العقباوى فغابت القدوة واندثرت القيم واضمحلت الفضائل وأصبحنا مستهلكين بسبب هذه التقنية.
في حين أن الغرب وظفها في العلم ونجح في خلق جيل رابع من الحروب التى اخترقت الشعوب وخربت العقول دون تكلفة مادية بأسلحة وذخائر لأنها ببساطة تتم بمجرد الضغط علي أجهزة الهواتف المحمولة
لذا وجب ترابط كافة الجهات المعتية بالتنشئة الاجتماعية لتنمية الوعى لدى الأبناء والطلاب وأولياء الأمور بأهمية المتابعة وخلق تواصل مستمر بين أفراد الأسرة وتكامل كل المؤسسات بما يضمن توافر مقومات التربية الإيجابية القويمة وحسن استخدام هذه التقنيات بما ينفع البشرية.