مقالات
البيروقراطية والروتين الحكومى من أهم عناصر سوء الخدمة الطبية فى وزارة الصحة
بقلم: د. أشرف رضوان
تعددت شكاوى المواطنين بسبب عدم توافر المستلزمات الطبية اللازمة للخدمة فى معظم مراكز ومستشفيات وزارة الصحة فى مختلف التخصصات مثل التحاليل والأسنان وذلك يرجع إلى الاصرار على البيروقراطية والروتين الذى يجب أن يتم القضاء عليهما من أجل مواكبة التقدم . وحتى الآن لم يكن هناك حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة وكل ما يشغل القيادات هو المرور على الأماكن المختلفة ومتابعة بعض الأمور المتعلقة بالنظافة وارتداء الزى الرسمى والدفاتر ولم يخطر على بال احد من السادة المسؤولين متابعة توافر جميع المستلزمات اللازمة لخدمة المواطن الذى تم إنشاء المنظومة من أجله!!. أما عن اعطال الأجهزة فحدث ولا حرج فلا يخلو مركز او مستشفى من اعطال الأجهزة وعلى رأسها أجهزة التعقيم والاسنان .
ومن المفترض أن منظومة الشراء الموحد التى لا يفهمها كثيرون توفر بعض الشركات لإصلاح الأعطال وبمتابعة هذه الأمور لاحظنا أن عملية إصلاح جهاز معطل ليست بالامر اليسير إذ انها لابد وان تسير فى خطوات متتالية وفى النهاية ربما تتم الموافقة او لا تتم وذلك حسب العوامل المتاحة مثل ميزانية صندوق تحسين الخدمة التابع للمركز او المستشفى لابد وان تسمح بتوفير المبلغ المطلوب للإصلاح ويسبقها عروض اسعار من إحدى الشركات التابعة للشراء الموحد التى تتعامل مع وزارة الصحة والتى أسعارها تقترب من ضعف السعر نتيجة إضافة الضرائب والمصروفات . ولكن لا مفر ولا توجد طريقة أخرى غير ذلك .
فموضوع الإصلاح يبدأ من الاتصال بالفنى الذى يعمل بالشركة التابعة للشراء الموحد للقيام بزيارة للمركز الذى به الجهاز المعطل وبعد الكشف على الجهاز يكتب تقريرا فنيا بحالة العطل ومرفق بالتقرير عروض الاسعار يتسلمها منه المدير المسؤول ليرفقها فى محضر مجلس الإدارة الذى يتم طلب الإصلاح من خلاله ثم يتم ارسال المحضر إلى المنطقة الطبية التابع لها المركز ليتم مراجعته من قبل خمس جهات وهى المالى والادارى .. الشؤون القانونية .. الحسابات.. التفتيش المالى والإدارى .. التموين الطبى والمديرين المختصين كل فى مجاله ثم يتم التوقيع عليه من مدير عام المنطقة ويرفع إلى مديرية الشؤون الصحية للمراجعة بنفس الطريقة. وفى حال عدم رجوع المحضر لتصحيح بعض الأخطاء تنتهى هذه الإجراءات فى غضون من ثلاثة أسابيع إلى شهر أما فى حال رجوعه للتصحيح فحدث ولا حرج !!. وبالمنطق اذا تتبعنا هذه الأمور بهذه الكيفية فلن يتم الإصلاح بالشكل السريع وبالتالي تكون النتيجة هى توقف العمل لحين إصلاح الأجهزة. هذه الأمور للأسف هى الواقع المرير الذى لن يبوح به مسؤول خوفا من المساءلة ويكتفى بالتوصية فى المرور بمتابعة الإصلاح!!.
هذا هو الواقع المؤلم الذى يجب أن نعترف به والموجود فى معظم مراكز وزارة الصحة والضحية هو المريض الذى يدفع الثمن فيضطر للجوء إلى القطاع الخاص نظرا لتوفير الامكانات به . ولم يواجه اى مسؤول هذه المشكلة من جذورها لانه يعلم انه سيفشل بالتأكيد نتيجة القيود المفروضة عليه من البيروقراطية والروتين .
وللقضاء على هذه البيروقراطية اقترح البعض مشاركة المجتمع المدنى لما لديه من إمكانيات وحلول سريعة تحل محل الأمور المعقدة المتبعة واللافت للنظر فى موضوع التبرعات العينية انها تقبل بشروط !! . على رأسها خطاب من المتبرع يفيد بالتبرع بجهاز طبى معين للمكان ومرفق معه فاتورة الشراء وصورة الرقم القومى للمتبرع وكل هذا لا يوجد به مشكلة ولكن المشكلة عندما يكون المتبرع شخص اعتبارى مثل البنوك ومع ذلك نجد الموظف المسؤول فى وزارة الصحة يطلب صورة من الرقم القومى !! كيف هذا والمتبرع بنك ؟! هؤلاء هم موظفى بعض الأماكن فى وزارة الصحة الذين يتعاملون مع ملفات التبرع بمنتهى التهاون . وحادثة أخرى حدثت فى إحدى المراكز الطبية الذى وافق البنك على التبرع وتخصيص مبلغ كبير لشراء الأجهزة المطلوبة فأرسل إلى وزارة الصحة يخطرهم انه ليس لدى البنك مانع من توفير المبلغ على أن يتم توقيع عقد الاتفاق بين البنك وبين الوزارة لضمان شراء هذه الأجهزة للمركز المشار إليه.
العجيب فى الأمر أن مسؤول وزارة الصحة يحجز لديه العقد منذ شهور بحجة المراجعة ولم يفرج عنه حتى الآن وبمتابعة نفس المسؤول تردد أن بعض المسامير المخصصة لزراعة الأسنان لم يوافق على صرفها للمستشفيات حتى انتهت صلاحيتها مما يعد إهدار للمال العام وحرمان المرضى من الخدمة الطبية واذا صح هذا الكلام فأين المسؤولين من مراقبة هذا المسؤول ؟! . قرأنا فى الصحف منذ عدة سنوات أن اليابان تبدأ فى بناء مطعم دومينو بيتزا فوق سطح القمر وسوف تخصص رحلات لرجال الأعمال الذين يرغبون فى رحلة لتناول البيتزا فوق سطح القمر يأتى هذا فى الوقت الذى يصر فيه موظف وزارة الصحة على إرسال صورة الرقم القومى للبنك لقبول التبرع !.