أمانى محمود تكتب من أرض النار بفلسطين : أسري مع وقف التنفيذ .. !
.. و لأنى إبنة هذه الأرض، ولدت هناك ، و تفتحت عيناي على النسمات تحيط أشجار الزيتون، أمرح و ألعب فى المروج تداعبنى جماليات طبيعة فطرية هى الجنة بعينها ..
لأنى أتيت من هناك يوما ما كان على أن أعود و لكن الجنة تحولت إلى جمرة من نار يحترق فيها اداهلى ..
كأن جسدي مكبل بالجنازير, وقلبي مع كل خبر يذاع ينفجر حزنا إنفجارا لا يقل شدة عن تلك الإنفجارات التي تصيب البيوت والأحياء في غزة , هناك طاقة كامنة أكاد أموت من شدتها ,
مع كل صباح أقول هناك أمل ولو بسيط فى أن يستتب الوضع ويستشعر العالم ويري مثلي ما يحدث فبالتأكيد هناك تحرك فى اليوم التالي , ولكن بكل أسف ما كان يؤلمني أكثر من شدة صعوبة المشهد هو حجم التخاذل الذي يشعرني بالأسف .
أنام وأصحو علي بعض المحادثات من أهلي وأصدقائي فى أماكن متفرقة بفلسطين رغم أن كل المشهد مؤلم ولكن لم تتوقفني إلا بعض الجمل مثل :- “احنا لسه بخير بس يا عالم بعد شوية هنكون عايشين ولا لا -احنا بخير ي لولو انتو اللي عاملين إيه”
و لسان حالى يردد : (إحنا اللي بنتعلم منهم الصبر مش هما اللي محتاجين كلامنا ودعمنا عشان يصبروا )
– “عارفة يا أماني إحنا مش زعلانين من إسرائيل علي اللي بتعمله فينا إحنا زعلانين من إن الكل خذلونا”.
– كنوع من أنواع إرضاء النفس حملت حقائبي وتوجهت الي حيث مسقط راسي (رفح) فبعد مرور أربعة عشر يوما علي بداية القهر (الحرب) لم يكن هناك ما يرضي بعضا من شعور العجز هذا إلا أن اقف أمام المعبر في انتظار الفرج (ليس من أحد ولكنه من الله فحلول الأرض قد نفذت والأمر وحده بيد الله )
وكان هذا ناتج عن إدراك أن (الجميع أسري مع وقف التنفيذ).
– لا أعرف ما الغاية من وجودي هناك غير أني أريد تقديم اي مساعدة حتي لو كلامية من خلال نقل الصورة او من وقوفي إلى جوار المتطوعين الذين يساعدون في نقل المساعدات (مع العلم أن في ذلك الوقت لم يفتح بعد المعبر وكما أخبرتكم كل الحياة قائمة في ذلك الوقت علي الأمل بوجه الله فقط.
أرضنا، حدودنا، الغرب فيها يتحكم و مئات العربات المحملة بجميع أنواع المساعدات ولكننا جميعا رهن إشارة من عدونا (لكم ان تتخيلو نحن نهاب العدو وننفذ أوامره في ملكنا وأرضنا )-
بعد أن كنت أعيش الأمر عبر الشاشات أصبحت أعيشه صفا بصف معهم (كان مكاني قريبا كل القرب من فلسطين أرضنا ) أسمع صوت الطائرات فأقف للأسف متفرجة أين الهدف الآن (بعد هذا الطغيان وعدم الإحترام لأى قوانين أو أعراف من المكن أن أكون أنا الهدف ..
لما لا ؟ )
– أصبحت أعيش المشهد كاملا، أري الطائرات والصواريخ حيث تتوجه وأسمع دوي الانفجارات وأفتح الهاتف لأري الدمار والمشاهد التي تحتاج إلي سنين عديدة لتنسي ولكنها لن تنسي مهما مرت الأعوام . – صرخات ألم ودماء مبعثرة و مشاهد مفجعة ودمار في كل الأنحاء واشلاء شهداء ومصابين و مستشفيات تخرج من الخدمة وطواقم طبية تركت كل الحياة لخدمة أصحاب الأرض والكثير منهم يستقبل الأهل أشلاء و شهداء غالبا في المستشفيات وكل ردهم وقولهم ( فداء فلسطين فداء للأقصى)
– طواقم الإسعاف المصرية تصتف فى الشوارع علي الحدود تحت رهن الاشارة للدخول منذ الساعات الأولي للحرب ودون مبالغة جميعهم علي أهبة الاستعداد حتي يلحقوا بمن سبقوهم إلي الجنة
.. وقوفنا خارج حدود فلسطين يشعرنا وكأننا سوف ندخل النار ولكنهم لا يعرفون أننا نذهب هناك إلي الجنة .
توجهت إلي العريش بعد يومين حتي آخذ قسطا من الراحة وأحضر بعض الأغراض الشخصية (العريش تبعد ما لا يقل عن 50 كيلو مترا عن الحدود المصرية الفلسطينية ) كنت أسمع دوي الانفجارات ليلا و لا يغفو لي جفن، هذا دمي وتلك أرضي وهم اهلي، تنهمر مني الدموع ولا تطفئ النيران التي تحرقهم وأقول قولا واحدا (حسبي الله ونعم الوكيل) استمريت فى وجودي لمدة 10 أيام ولكن ماذا بعد ؟ كل يوم مثل الذي مضي بل أسوأ، كل يوم يبدو أكثر دموية وأكثر من اللا آدمية، وجودي لا يجدي ويلا يغني لا من جوع ولا من خوف ولا من شيء25,26 ,27,28,30,31 ……………….60أعزي نفسي وإياهم فقد مات الضمير ,
اليوم ال 60 في الحرب وكل يوم هو الأصعب ,لا توجد كلمات تكفي ولا رثاء يوفي , نسائنا وأطفالنا يبادو ضحية لعدو مريض نفسيا يمارس وحشيته و يعربد عطشا لدماء الأبرياء ما يشهده العالم أجمع حتي أن هناك بعض الشعوب اليهودية ممن لم تدنسهم الصهيونية أرادوا أن يعالجوهم ويرحموا العالم من دمويتهم ولكن الطبع فاق التطبع وكانت الدموية هي التي يتغذي عليها عدو هو الشيطان بعينه,
المشهد تعدي المشاهد التي نراها فى الأفلام المستوحاه من الخيال الأمر بالفعل فاق الخيال فاق كل الآفاق وإذا أردت التحدث عن نكستنا سوف تنفذ الكلمات ولن تصل الصورة أيضا، الجميع يري والجميع يسمع وبكل الأسف الجميع يندد فقط، الأمر وحده لله .