رأى

أبرز توصيات ملتقى اتحاد الأثريين المصريين

أحمد فتحي
أحمد فتحي

      كتب- أحمد فتحي

الأمين العام لاتحاد الأثريين المصريين

صرح د. أيمن وزيري – رئيس مجلس إدارة اتحاد الأثريين المصريين ومُمثل مؤسسي الإتحاد إقليمياً ودولياً، وأستاذ ورئيس قسم الآثار المصرية – كليةالآثار- جامعة الفيوم أنه تم انعقاد ملتقى اتحاد الأثريين المصريين في رحاب مركز الطفل للحضارة والإبداع بمصر الجديدة يوم الاثنين 15 يوليو وتم توجيه النداء للقيادة السياسية وقيادات المجتمع المصري وكذا أساتذة الجامعات المصرية والآثاريين والمعنيين بالتراث القومي المصري والباحثين والمشاركين في مختلف المجالات المعنية بالتاريخ والحضارة والآثار والتراث،
ونوجه النداء والدعوة للفيف من الإعلاميين والصحفيين والإذاعيين ومعدي برامج قنوات التلفزيون المصري الفضائية لإبراز أهمية الحدث في دعم السياحة والإقتصاد المصري والتصدي للمزاعم والإفتراءات والأباطيل الموجهة للنيل من حضارتنا وارثنا وموروثنا وتراثنا القومي في مصر المحروسة.

وذكر د. أيمن وزيري أنه منذ أن بدأ الإنسان المصري حياته على أرض مصر، فقد بدى واضحاً أن هذه الأرض سوف تشهد إبداعات تحقق لها التكامل الحضاري والريادي في ظل العالم الذي تعيش في رحابه؛ فلقد منح الله مصر حدوداً طبيعية آمنة؛ ومصدراً ثابتاً للمياه هو نهر النيل؛
وأرضاً منبسطة إلى حد كبير سهلت الاتصال بين المصريين وجيرانهم؛ ومناخاً معتدلاً أشاع في نفوسهم البهجة والاطمئنان؛ وموقعاً متميزاً ربطهم بشعوب قارات الدنيا الثلاث.
كل هذه العوامل وغيرها جعلت من الإنسان المصري إنسانا متميزاً يملك من الإمكانات ما يؤهله لينجز ويبدع، لتتبوأ مصر مكانتها المرموقة عبر العصور.

كما صرح بأنه كان قديماً ونظراً لمدى ازدهار وتقدُم ونُضج وابتكارات المصري القديم في شتى المجالات الفكرية والعلمية والعملية فكان ظهور العلم الوحيد المُسمى نسبة إلى مصر؛ فتجلى علم المصريات Egyptology ، إلا أن النتيجة كان مفادها أن صارت مصر وحضارتها بين المطرقة والسندان؛
فباتت الحضارة المصرية عبر عصورها التاريخية تواجه موجات عاتية من الحقد والكراهية والتدليس والتدنيس والمكر والخديعة، ولم تنقطع تلك الموجات الحاقدة حتى الآن؛
فمازالت مصر وحضارتها في العصر الراهن تكافح جاهدةً بُغية دحض الإفتراءات والأباطيل والإدعاءات والأكاذيب التي يتبناها بعض المُغرضين ويروجها بعض المُدعين الذين قيل عنهم أنهم مهووسين بالحضارة المصرية،
مما أدى لظهور ظاهرة تُسمى Egyptomania/ايجيبتومانيا، والتي تُمثِّل الهوس بالمصريات، ربما لا يكون هذا الأمر والصدد جديداً ووليد اليوم ، ولكن الأمر صار مُستفحلاً ولا يجب السكوت عليه.

ويُمكن القول أنه قُبيل ‏ وخلال القرن التاسع عشر الميلادي، وفي ظل اهتمام العالم أجمع وجموع المعنيين من الأوروبيين والغربيين بمصر وحضارتها العريقة التي أثرت تأثيراً ملموساً في العديد من القضايا الشائكة التي تتمثَّل في الثقافة والفكر والحضارة والابداع والابتكار،
فضلاً عما يختص بالعِرق والأنساب والهوية القومية، بالإضافة إلى التأثير غير المسبوق على الآداب والفنون والهندسة المعمارية ومختلف المجالات العلمية مثل الفلك والطب والرياضيات وغيرها من المجالات العلمية النظرية والتطبيقية مما أدى لأن يتشكل الهوس بالمصريات الذي تغلغل في الثقافة الأمريكية نظراً لنجاح ومدى فاعلية النموذج المصري قديماً وكذلك حديثاً في خلق الشعور بالمواطنة والإنتماء والحفاظ على الهوية القومية الحضارية،
والذي أكد بغير شك مدى التأثير الملموس لمصر على مختلف التصورات الفكرية والثقافية في شتى الثقافات الغربية. ومن فرط هذا الإبداع رفض عقل الغربيين وكذا الحال بالنسبة لمختلف دول العالم أن يصدق في بعض الأحيان، فخرجوا علينا بما يسمى بالهوس بمصر (Egyptomania)، وقلدوا الحضارة المصرية في الكثير من جوانب حياتهم.

وأشار وزيري ببعض التوصيات التي صدرت من خلال الإجابة على الاستفسارات وكيفية مواجهة هذه الحملة الشرسة على الحضارة المصرية.

إن الأمر يتطلب التحرك في أكثر من اتجاه:

الاتجاه والتوصية الأولى: تكوين هيئة من علماء المصريات في مصر، ومعهم بعض علماء المصريات من الخارج، لمواجهة مثل محاولات التشكيك هذه بالأدلة والأسانيد العلمية الدامغة.

الاتجاه والتوصية الثانية: إعداد مجموعة من الأفلام التسجيلية الناطقة باللغة العربية، وبعض اللغات الأجنبية، لتتضمن ردوداً علمية على مثل تلك المحاولات، على أن توزع خارج مصر.

الاتجاه والتوصية الثالثة: توسيع دائرة الوعي الأثري بين المواطنين بكل فئاتهم وأعمارهم. والوعي الأثري هو إدراك كل المواطنين لقيمة التراث الثقافي من حيث أنه يمثل ثقافة الأجداد، بالإضافة إلى ما له من مردود اقتصادي، على اعتبار أن السياحة الوافدة إلى مصر تقوم على السياحة التاريخية بالدرجة الأولى. ويتطلب الأمر التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية بأمر الوعي الأثري،
مثل وزارات الإعلام، والثقافة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والسياحة، والحكم المحلي، وغيرها؛ لكي تؤدي كل منها واجبها نحو تراث مصر، حتى يكون كل مصري في أي موقع وفي أي مكان من العالم قادراً على الرد على ما قد يجده أو يلاقيه من هذه المزاعم.

وأخيراً نعود فنقول: لقد قال أصحاب الغرض وتقوَّلوا، وسيظلون هكذا دائماً مبهورين في معظم الأحيان، وحاقدين في بعض الأحيان، على إنجازات شعب عريق،
توافرت له كل مقومات الحضارة، فجاء هذا البنيان الحضاري شامخاً أصيلاً عميق الجذور، متميزاً متفرداً بلا مثيل. ونعود لنقول أنه إذا كان الأجداد قد أبدعوا،
وتركوا لنا هذا الإنجاز، فمن حقهم علينا -نحن الأحفاد- أن نحافظ لهم على ما أنجزوا، وأن نقف بالمرصاد لكل المحاولات التي تسعى للإساءة لهذا الإنجاز أو السطو عليه،
والتي لا تسعى -في الواقع- إلا لزعزعة ثقتنا في تاريخنا وحضارتنا، لينزعوا حاضرنا المتطلع من جذور ماضينا، فنخوض المستقبل بفراغ روحي إذا نحن فقدنا استلهامَ هذا الإبداع، وهذه العزيمة العريقة في صناعة الإنجاز.

وبعد ما سبق فلا يسعنا إلا أن نقول إن الحضارة المصرية القديمة راسخة البنيان، ثابتة المعالم والأركان؛ فمصر كانت ومازالت مهداً للحضارة ونبعاً ومنبعاً ورافداً للعلم والفكر والثقافة والتحضر والحضارة، وستظل كذلك إلى يوم الدين، وستظل كذلك أيضاً إلى يوم تبعثون حفاة عراة على شاكلة حركتكم المشبوهة والمشوهة والمولودة من غير رحم،
فكانت ولادتها سبة في جبين الدهر ، حركة مبتذلة زماناً ومكاناً وموضوعاً ومضموناً؛ فمصر كنانة الله في أرضه، إنها أرض المحروسة التي كانت ومازالت وستظل إلى أبد الآبدين ورغم انوف الحاقدين والمُغيرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى